آمال تركيا في الانضمام إلى البريكس تتبدد وسط توتر مع الهند
تلاشت آمال تركيا في الانضمام الكامل إلى مجموعة البريكس، بعد عام واحد فقط من إعلانها رغبتها الرسمية في دخول التكتل الاقتصادي الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وذلك على وقع تصاعد التوترات مع الهند على خلفية اتهامات بأن أنقرة دعمت باكستان عسكرياً في النزاع الأخير حول كشمير.
فقدت مساعي أنقرة زخماً كبيراً في الأشهر الماضية، مع مؤشرات واضحة على تحفظات داخل البريكس حيال قبول عضو جديد من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو).
إذ صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في يونيو الماضي بأن الكتلة غير معنية بمزيد من التوسع بعد ضمها خمس دول جديدة عام 2024 هي الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والإمارات، مقترحاً بدلاً من ذلك منح تركيا وضع “دولة شريكة” إلى جانب 13 دولة أخرى.
لكن مسؤولين أتراكاً ينظرون بحذر إلى هذا المقترح، إذ يعيد إلى الأذهان التجربة التركية الطويلة مع الاتحاد الأوروبي الذي عرض مراراً على أنقرة شراكة خاصة بدلاً من العضوية الكاملة.
ويقول مراقبون إن هذا السيناريو يلقى معارضة في الداخل التركي، خاصة في ظل تحفظات شعبية على مسألة البقاء في منطقة رمادية بين الشرق والغرب.
ورغم استمرار صمت أنقرة الرسمي، غاب الرئيس رجب طيب أردوغان عن قمة البريكس التي استضافتها البرازيل مطلع يوليو الجاري، وأوفد وزير الخارجية هاكان فيدان بدلاً منه، ما عده البعض مؤشراً إضافياً على تراجع الاهتمام التركي.
ويبدو أن الموقف الهندي كان العامل الأبرز في إبطاء اندفاعة أنقرة نحو البريكس، إذ قالت مصادر دبلوماسية إن الهند، العضو المؤثر في التكتل، أبدت اعتراضات واضحة على انضمام تركيا، خصوصاً بعد تقارير عن تقديم أنقرة مساعدات عسكرية إلى إسلام أباد في النزاع الأخير حول كشمير.
واتهمت وسائل إعلام هندية تركيا بتزويد باكستان بطائرات مسيرة وأسلحة وذخائر خلال التصعيد الأخير الذي اندلع في أبريل وأسفر عن مقتل 27 سائحاً هندياً.
بل إن بعض التقارير ذهبت إلى حد الادعاء بأن مستشارين عسكريين أتراك ساعدوا الجيش الباكستاني في تنسيق هجمات بطائرات مسيرة داخل الأراضي الهندية، بينما زعمت أخرى مقتل عسكريين تركيين خلال العملية التي أطلقتها الهند باسم «سيندور».
وأدى ذلك إلى تداعيات اقتصادية على المصالح التركية في الهند، حيث منعت السلطات الهندية منح التراخيص الأمنية لشركة «جلبي لخدمات المطارات الهندية» التابعة لشركة تركية، كما أنهت شركة «إنديجو» اتفاقية التأجير مع الخطوط الجوية التركية، بينما هددت شركات هندية بمقاطعة الخدمات التركية في قطاع الطيران والصيانة.
وعلى الصعيد السياسي، زار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قبرص في خطوة فسرت على نطاق واسع بأنها رسالة لأنقرة، مفادها أن نيودلهي مستعدة لتعميق علاقاتها مع دول لديها خلافات مع تركيا.
وفي السياق نفسه، أثارت مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير، قلق أنقرة، إذ أبدى رفضاً علنياً للبريكس وهدد بفرض رسوم جمركية على أي دولة تتبنى سياسات اقتصادية معادية لواشنطن أو تنخرط في مشاريع مثل إطلاق عملة موحدة للبريكس.
وبينما حافظت تركيا على الصمت الرسمي بشأن وضعها المستقبلي مع البريكس، يرجح محللون أن طريقها نحو العضوية الكاملة بات مسدوداً في المدى المنظور، وسط اعتبارات جيوسياسية معقدة وتوترات إقليمية لم تهدأ.