إدارة ترامب تمتنع عن معاقبة الحلفاء بعد اعترافهم بالدولة الفلسطينية
امتنعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اتخاذ إجراءات عقابية ضد حلفاء بارزين مثل بريطانيا وكندا وفرنسا وأستراليا والسعودية بعد اعترافهم رسميًا بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورغم انتقادات ترامب العلنية واعتباره الاعتراف “مكافأة للإرهاب”، فإن واشنطن اكتفت بخطاب سياسي دون ترجمة إلى خطوات عملية.
ففي كلمته أمام قادة العالم، هاجم ترامب قرار الاعتراف، معتبرًا أنه يضعف الضغط من أجل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، لكنه تجنّب التلويح بأي عواقب. واكتفى بوصف الخطوة بأنها “مكافأة على هجمات 7 أكتوبر”، بينما ترك كبار مسؤولي إدارته الأمر في إطار “أداء سياسي” أو “مشروع غرور” لبعض الزعماء، على حد تعبير وزير الخارجية ماركو روبيو وسفير الأمم المتحدة مايك والتز.
هذا التباين بين الخطاب والواقع سمح لحلفاء واشنطن برؤية الموقف الأمريكي كتفويض ضمني للتحرك دون الخوف من رد عقابي.
حسابات بريطانيا وكندا
وفق مسؤولين بريطانيين، فإن تردّد ترامب السابق وتعليقاته المستهترة حول نية لندن الاعتراف شجّع رئيس الوزراء كير ستارمر على المضي قدمًا، خاصة بعد احتجاجات داخلية في حزبه بشأن حرب غزة. وقال مصدر بريطاني إن زيارة ترامب لاسكتلندا في يوليو، وتصريحه بأنه “لا يمانع” في موقف ستارمر، شكّلت “لحظة حاسمة” في اتخاذ القرار.
أما في كندا، فأكد مسؤول كبير أن سياسات بلاده “مفهومة جيدًا لدى الأمريكيين”، وأن البيت الأبيض لم يمارس أي ضغط مباشر على رئيس الوزراء مارك كارني قبل إعلانه الاعتراف.
ردود إسرائيل وتحذيرات الجمهوريين
أدانت الحكومة الإسرائيلية بشدة قرارات الاعتراف، ولوّحت بضم مزيد من أراضي الضفة الغربية ردًا على ما جرى في الأمم المتحدة. كما وجّه نواب جمهوريون في الكونغرس رسائل إلى قادة بريطانيا وكندا وأستراليا تحذر من أن الاعتراف قد “يستدعي إجراءات عقابية”.
لكن غياب خطوات فعلية من إدارة ترامب أضعف التهديدات. بل إن مصادر إسرائيلية وأمريكية أقرت بأن الاعتراف “لم يغيّر الواقع على الأرض” أو الصراع مع حماس.
استقلالية الحلفاء
زعم قادة الدول التي اعترفت بفلسطين أن علاقاتهم مع واشنطن لن تتأثر بشكل جوهري. فقد أكد كارني أن كندا “تتمتع بأفضل اتفاقية تجارية في العالم” مع الولايات المتحدة، وأن سياساتها الخارجية مستقلة. كما قلل إيمانويل ماكرون وأنتوني ألبانيز من احتمال تضرر علاقاتهم بالبيت الأبيض، مؤكدين أن الاعتراف يعكس قيَمًا وطنية لا مساومة عليها.
وقال مسؤول غربي: “أكثر من 140 دولة تعترف بفلسطين بالفعل. فهل ستعاقب واشنطن كل هذه الدول؟”
وبالمجمل فإن خطاب ترامب المتشدد لم يُترجم إلى عقوبات، ما أعطى حلفاء واشنطن مساحة للتحرك دون خوف من رد أمريكي مباشر. وبينما تواصل إسرائيل التهديد بإجراءات أحادية، فإن غياب الحزم الأمريكي يعكس أولويات إدارة ترامب في هذه المرحلة: الاكتفاء بالانتقاد الخطابي، مع تفادي صدام مع الحلفاء الكبار الذين قرروا الاعتراف بفلسطين.