استطلاع: الأميركيون يعتبرون الأمم المتحدة ضرورية لكن غير فعّالة

قبل أيام من انعقاد الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كشف استطلاع جديد أجراه معهد غالوب أن غالبية الأميركيين ما زالوا ينظرون إلى المنظمة الدولية كعنصر أساسي في النظام العالمي، لكنهم يشككون في فعاليتها في معالجة التحديات الكبرى.

وبحسب الاستطلاع، يرى 60% من الأميركيين أن الأمم المتحدة تلعب دورًا ضروريًا، لكن 63% وصفوا أداءها في حل المشكلات العالمية بأنه “ضعيف”.

ويعكس هذا التباين استمرار الفجوة بين الاعتراف بالرمزية السياسية للأمم المتحدة وبين الثقة بقدرتها العملية على صنع الفارق.

ويُعد هذا الدعم تراجعًا ملحوظًا عن مستويات التسعينيات، حيث أظهر استطلاع عام 1997 أن 85% من الأميركيين اعتبروا الأمم المتحدة ضرورية.

المواقف الحزبية

كشفت النتائج عن انقسام حزبي واضح:
59% من الجمهوريين يرون أن الأمم المتحدة غير ضرورية.
في المقابل، لا يشارك سوى 19% من الديمقراطيين هذا الرأي.

وقد انقسم المستقلون بين الموقفين لكنهم أقرب إلى الديمقراطيين في نظرتهم الإيجابية للمنظمة.

وعلى الرغم من هذه الانقسامات، فإن أغلبية من كل الاتجاهات السياسية ما زالت تؤيد بقاء الولايات المتحدة عضوًا في الأمم المتحدة، حتى وإن تباينت الرؤى حول مستوى الالتزام المطلوب.

التمويل والدعم المالي

أما فيما يتعلق بالتمويل، فقد أبدى 35% من الأميركيين رغبتهم في الإبقاء على مستويات التمويل الحالية التي تقدمها واشنطن للمنظمة، بينما طالب 25% بزيادتها، مقابل 37% يؤيدون تقليص الدعم.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تُمثل 22% من ميزانية الأمم المتحدة العادية، ما يجعلها أكبر ممول منفرد للمنظمة. لكن هذا الدور المالي كثيرًا ما كان محل جدل سياسي داخلي، خاصة في ظل توجهات الإدارة الحالية.

تراجع الثقة في ظل سياسة ترامب

في ولايته الثانية، تبنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة متشددة تجاه المؤسسات الدولية. ففي فبراير/شباط الماضي، انسحبت واشنطن من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما أعلنت في يوليو/تموز انسحابها من منظمة اليونسكو.

هذا التوجه ينسجم مع دعوات ترامب المتكررة لتقليص مساهمات الولايات المتحدة في المنظمات الدولية وخفض المساعدات الخارجية، وهو ما يراه مراقبون عاملاً مؤثرًا في زيادة الشكوك الشعبية تجاه جدوى الأمم المتحدة.

عضوية الولايات المتحدة: جدل مستمر

رغم أن 79% من الأميركيين يؤيدون استمرار عضوية بلادهم في الأمم المتحدة، فإن 17% دعوا إلى الانسحاب الكامل من المنظمة، وهو أعلى رقم منذ عام 1996.

اللافت أن 36% من الجمهوريين يؤيدون هذا الموقف المتشدد، مقابل 17% من المستقلين و4% فقط من الديمقراطيين.

هذا يعكس ليس فقط الانقسام الحزبي، بل أيضًا صعود تيار متزايد يرى أن التعددية الدولية تُقيد سيادة واشنطن وتُضعف قدرتها على اتخاذ قرارات منفردة.

ويبقى الموقف الأميركي من الأمم المتحدة متأرجحًا بين القبول بالمنظمة كإطار ضروري للتعاون الدولي، والانتقاد الحاد لفعاليتها وضعفها في مواجهة الأزمات العالمية. وفي ظل إدارة أميركية تتبنى مبدأ “أميركا أولًا”، قد يستمر هذا التوجه في إعادة تعريف علاقة واشنطن بالمنظمات الدولية.

ومع أن الأميركيين لا يزالون يتمسكون بعضوية بلادهم في الأمم المتحدة، فإن تراجع الثقة بقدرة المنظمة على العمل بفعالية يطرح تحديًا على مستقبلها ودورها في النظام العالمي المضطرب.

قد يعجبك ايضا