الإمارات وحفتر وراء سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر
في العاشر من يونيو/حزيران، شهدت منطقة المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر تحركًا عسكريًا مفاجئًا، حين دخل أكثر من 250 مركبة عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع، مدعومة بمجموعات ليبية مرتبطة بالقائد العسكري خليفة حفتر، إلى سوق الكتمة، معلنة السيطرة على المنطقة.
عملية عسكرية منسقة
شهود عيان، بينهم تجار وعمال مناجم ذهب، أكدوا أن قوات ليبية من ميليشيا سبل السلام ولواء طارق بن زياد التابع لصدام حفتر شاركت في الهجوم. وبعد تمهيد الطريق لقوات الدعم السريع، انسحب المقاتلون الليبيون تاركين القوات السودانية شبه العسكرية تسيطر على السوق وتنهب الذهب والأموال والممتلكات.
بحسب هذه الشهادات، أُجبرت القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها على الانسحاب، ما مهد الطريق لإعلان قوات الدعم السريع، في 12 يونيو، سيطرتها الكاملة على المثلث الاستراتيجي. هذه الخطوة عززت نفوذها في غرب السودان، حيث تهيمن بالفعل على معظم إقليم دارفور.
دعم إماراتي ولوجستيات إقليمية
مصادر ليبية وسودانية ودبلوماسي أمريكي سابق أكدوا لموقع ميدل إيست آي أن العملية حظيت بدعم لوجستي وتمويل من الإمارات، رغم نفي أبوظبي. وأظهرت دراسة مسربة أن طائرتين إماراتيتين هبطتا في مطار الكفرة الليبي في 10 يوليو/تموز محملتين بالأسلحة والإمدادات، التي نُقلت لاحقًا إلى دارفور عبر الحدود التشادية الليبية.
الدبلوماسي الأمريكي السابق كاميرون هدسون اعتبر أن هذه الخطوة جزء من خطة إماراتية أوسع للسيطرة على طرق الإمداد وتهريب الذهب، ليس فقط في السودان، بل في تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، حيث تمتلك أبوظبي قواعد عسكرية تسهّل الحركة والتمويل.
مصر في موقف حرج
التنسيق بين حفتر وقوات الدعم السريع يضع الإمارات في مواجهة مصالح مصر، التي حاولت في يوليو/تموز الماضي جمع حفتر وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة دون جدوى. وتشير مصادر إلى أن القاهرة تنظر بعين الريبة إلى التحركات الإماراتية في منطقة تُعد حيوية لأمنها القومي، خاصة مع وصول قوات الدعم السريع إلى مناطق قريبة من الحدود المصرية.
دور روسي متزايد
إلى جانب الدعم الإماراتي، كشفت صور أقمار صناعية عن طائرات شحن روسية من طراز “IL-76” تنقل إمدادات من مطار الكفرة مباشرة إلى قوات الدعم السريع في السودان، وهو مسار جديد يزيد من سرعة الإمداد مقارنة بالنقل البري التقليدي. ويؤكد محللون أن موسكو تسعى عبر هذا التعاون لتعزيز نفوذها، خصوصًا مع طموحها لتأمين قاعدة بحرية في بورتسودان.
أبعاد إقليمية وصراع نفوذ
سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي تمنحها منفذًا مباشرًا إلى ليبيا ومصر، إلى جانب حدودها مع تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ما يفتح الباب أمام توسع نشاطها العسكري والاقتصادي، بما في ذلك التهريب والتجنيد.
المحلل السوداني سليمان بلدو يرى أن إعلان قوات الدعم السريع حكومة موازية في نيالا يعكس طموحًا للهيمنة الإقليمية، لكنه يتوقع فشلها في إدارة شؤون مدنية أو ضبط عمليات التهريب، ما قد يهدد استقرار الدول المجاورة.