البنتاغون في حالة ارتباك: غضب واسع بعد قرار ترامب تغيير اسم وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تسمية وزارة الدفاع الأمريكية لتصبح “وزارة الحرب” موجة غضب وارتباك داخل أروقة البنتاغون، وسط تحذيرات من أن الخطوة قد تُكلف مليارات الدولارات دون أن تحقق أي فائدة ملموسة على مستوى التحديات العسكرية التي تواجه الولايات المتحدة.
وبحسب مسؤولين دفاعيين تحدثوا لصحيفة بوليتيكو، فإن تنفيذ الأمر التنفيذي سيُلزم الموظفين بإعادة طباعة وتغيير الأختام الرسمية على أكثر من 700 ألف منشأة عسكرية في 40 دولة وجميع الولايات الأمريكية. وتشمل التعديلات كل شيء: من المراسلات الرسمية لأفرع الجيش، إلى الأزياء العسكرية، والهدايا التذكارية في متجر البنتاغون.
قال مسؤول دفاعي سابق: “هذا قرار موجه للاستهلاك السياسي الداخلي، ولن يُغير شيئًا في حسابات الصين أو روسيا، لكنه سيُستخدم ضدنا كدليل على أن الولايات المتحدة مُحرضة على الحرب.”
خطوة رمزية أم تغيير استراتيجي؟
ترامب، خلال مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي، برر خطوته بالقول:”لقد انتصرنا في الحربين العالميتين ثم غيرنا الاسم إلى وزارة الدفاع. الآن سنعود إلى وزارة الحرب.”
غير أن خبراء القانون يرون أن تغيير الاسم الرسمي يتطلب تشريعًا من الكونغرس، فيما يدرس البيت الأبيض طرقًا للالتفاف على ذلك عبر استخدام “وزارة الحرب” كاسم ثانوي في المراسلات الرسمية.
واعتبر وزير الدفاع بيت هيجسيث القرار جزءًا من استراتيجية لتبني “أخلاقيات قتالية أكثر فتكًا”، بينما بدأ البنتاغون بالفعل تعديل بعض الحسابات الرسمية على منصات التواصل وتحويل موقع defense.gov إلى war.gov، رغم أن الموقع الجديد تعطّل مؤقتًا.
انتقادات داخلية وحزبية
أثار القرار استياءً كبيرًا داخل الوزارة، حيث وصفه أحد الموظفين بأنه “إضاعة للوقت والموارد”. وقال آخر إن العملية قد تجر مشاكل لوجستية طويلة الأمد، خاصة بالنسبة للمقاولين والجامعات التي تعتمد على عقود مع البنتاغون.
وقد انتقد السيناتور الجمهوري ميتشل ماكونيل، المعروف بدعمه التاريخي للإنفاق الدفاعي، القرار بشدة قائلاً: “إذا كنا سنسميها وزارة الحرب، فعلينا أن نُجهّز جيشًا قادرًا على منع الحروب والانتصار فيها. تغيير الاسم وحده لا يُحقق السلام بالقوة.”
من جانبها، هاجمت السيناتور الديمقراطية جين شاهين الخطوة، ووصفتها بأنها محاولة لصرف الانتباه عن أزمات حقيقية: “نحن في بيئة بالغة الخطورة. انشغال الرئيس ووزير الدفاع بالرموز بدل جاهزية القوات يضر بأمننا القومي.”
أبعاد سياسية ورسائل متناقضة
جاء القرار في وقت يحاول فيه ترامب تقديم صورة أكثر عدوانية للعالم، في تناقض صارخ مع تعهداته المتكررة بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا. ويرى خبراء أن هذه الخطوة تمنح خصوم واشنطن مادة دعائية لتصوير الولايات المتحدة كقوة عسكرية توسعية.
من الناحية الاستراتيجية، يخشى مراقبون أن يثير تغيير الاسم تساؤلات بين الحلفاء:
هل لا تزال واشنطن ملتزمة بسياسة “الدفاع المشترك” داخل الناتو؟
أم أنها تنتقل إلى خطاب “الحرب الوقائية” الأكثر عدوانية؟
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة عرفت وزارة الحرب منذ استقلالها وحتى عام 1947، حين جرى استبدالها بـ”وزارة الدفاع” في إطار إعادة تنظيم الجيش بعد الحرب العالمية الثانية. لكن إعادة إحياء الاسم بعد أكثر من سبعة عقود يُنظر إليه اليوم كتحول رمزي يفتقر إلى العمق الاستراتيجي.