الرسوم الجمركية الأمريكية تزعزع صفقة الطائرات السويسرية

تشهد صفقة شراء طائرات إف-35 من شركة لوكهيد مارتن الأمريكية توترًا سياسيًا متزايدًا في سويسرا، حيث يواجه المشروع العسكري المثير للجدل معارضة متصاعدة بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية ضخمة بنسبة 39% على الصادرات السويسرية. وقد أثار هذا القرار موجة من الغضب بين النواب السويسريين، الذين أعربوا عن شكوكهم في الاستمرار في شراء المقاتلات الأمريكية في ظل هذه التوترات التجارية.

التصعيد في النزاع التجاري مع الولايات المتحدة
في وقتٍ حساس بالنسبة للحكومة السويسرية، حيث كان من المقرر تسليم طائرات إف-35 إلى القوات الجوية السويسرية بين عامي 2027 و2030، تأتي هذه الرسوم الجمركية على الصادرات السويسرية كعامل مفاقم. ففي الشهر الماضي، أبلغت واشنطن برن أن تكلفة الطائرة قد تتجاوز الميزانية المقررة بزيادة كبيرة تصل إلى أكثر من مليار فرنك سويسري، مما أعاد فتح النقاش حول الصفقة. وكان لقرار فرض الرسوم الجمركية انعكاس فوري في البرلمان السويسري، حيث صرح النائب عن حزب الخضر السويسري، بالتازار غلاتلي، بأن هذا القرار يعزز موقفهم في معارضة الصفقة، معتبرين أن الولايات المتحدة أصبحت شريكًا غير موثوق.

تأثير الرسوم الجمركية على التحول في السياسات العسكرية
منذ أن اختارت سويسرا في 2021 طائرات إف-35 من لوكهيد مارتن على حساب طائرات داسو رافال الفرنسية، كانت الصفقة تواجه صعوبة في اجتياز الاستفتاء الشعبي، حيث جرت الموافقة عليها بصعوبة بنسبة 50.1%. ومع ذلك، فقد أضحت الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية، بما في ذلك الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، قضية ملحة تضع الحكومة السويسرية في موقف حرج.

وقال هانز بيتر بورتمان، وهو نائب ليبرالي، في تصريحات صحفية: “في الوضع الراهن، لا يمكننا الاستمرار كما لو لم يحدث شيء. السؤال هو: هل علينا التراجع عن قرارنا؟” وأكد أن اتخاذ القرار سيكون بمثابة نقطة تحول، حيث قد ينظر إلى استبدال الطائرات الأمريكية بمعدات دفاعية من دول أوروبية كخيار قائم.

الضغوط الداخلية والسياسية في سويسرا
التحولات السياسية في سويسرا لا تقتصر على تزايد المعارضة ضد صفقة إف-35، بل تشمل أيضًا التحولات في علاقات البلاد مع الولايات المتحدة. ففي الوقت الذي كانت فيه سويسرا تُعتبر حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة، أشار أوسكار مازوليني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة لوزان، إلى أن فرض الرسوم الجمركية سيغير من هذه العلاقات، حيث يمكن أن يؤدي إلى “إعادة تموضع سياسي بعيدًا عن الولايات المتحدة” وتوجه نحو الاتحاد الأوروبي. وأضاف: “نحن في حالة صدمة، وألمانيا وفرنسا قد يصبحان الخيار الأكثر أمانًا بالنسبة لسويسرا.”

تأثير القرار على المستقبل العسكري للسويسريين
في حين أن الحكومة السويسرية تؤكد على ضرورة شراء طائرات إف-35 لضمان أمنها الجوي، وتظل في موقف دفاعي بشأن صفقة الطائرات، إلا أن المعارضة تعتقد أن هناك خيارات أخرى أكثر أمانًا. ويشمل ذلك البحث عن بدائل أوروبية، حيث تزداد الدعوات في البرلمان السويسري للبحث عن طائرات من صنع أوروبي مثل يوروفايتر أو حتى طائرات ألمانية.

وتسعى هذه الأصوات المعارضة إلى تحويل النقاش حول هذه الصفقة إلى قضية سيادية، مؤكدين أن الأوقات الراهنة تتطلب تغيرات جذرية في السياسة الدفاعية للبلاد، بعيدًا عن الاعتماد على الولايات المتحدة.

نظرة مستقبلية: هل سيتغير المسار؟
بينما يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومة المملكة المتحدة الدفع نحو مزيد من التعاون الدفاعي مع سويسرا، قد تكون صفقة الطائرات إف-35 نقطة الفصل في هذه العلاقات. في هذا السياق، تسعى الحكومة السويسرية إلى تبديد الشكوك حول نزاهة الصفقة عبر تسوية مسألة الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة.

في النهاية، يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه الجهود على سمعة سويسرا في الساحة الدولية، وتحدياتها في إتمام هذه الصفقة التي تتجاوز قيمة 6 مليارات فرنك سويسري.

قد يعجبك ايضا