السعودية تتصدر الصورة بملف الوساطة بين روسيا وأوكرانيا

تتصدر المملكة العربية السعودية تتصدر الصورة بملف الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، حيث برزت الرياض كمضيف للمحادثات التي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إجرائها مع موسكو وكييف.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الاثنين، بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، في إطار جهوده لإصلاح علاقته المتوترة مع الولايات المتحدة وتأمين اتفاق ملائم لإنهاء حرب بلاده مع روسيا.

ويأتي اجتماع زيلينسكي مع الأمير محمد، الذي يسعى إلى لعب دور محوري على الساحة الدبلوماسية العالمية، قبل محادثات مقررة يوم الثلاثاء بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين في الدولة الخليجية الغنية بالنفط.

وكان ولي العهد، الذي تعرض سابقًا لعزلة دولية بسبب اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان، ينفيها باستمرار، قد وضع بلاده في موقع الوسيط ضمن الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ففي العام الماضي، لعبت السعودية دورًا محوريًا في صفقة تبادل سجناء معقدة بين الولايات المتحدة وروسيا، وطرح الرئيس ترامب فكرة أن تكون المملكة مكانًا محتملاً لاجتماع بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي الشهر الماضي، أرجأ زيلينسكي زيارة كانت مقررة إلى السعودية، بعد أن استضافت اجتماعًا استثنائيًا بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرغي لافروف، بحث فيه الطرفان إعادة ضبط علاقاتهما ومناقشة الحرب في أوكرانيا، من دون مشاركة زيلينسكي.

لكن زيلينسكي أعلن يوم السبت، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه سيزور السعودية، مؤكدًا عزمه على “فعل كل شيء لإنهاء هذه الحرب بسلام عادل ودائم”.

وكتب حول الصراع الواسع النطاق الذي بدأ مع الغزو الروسي قبل ثلاث سنوات: “كانت أوكرانيا تسعى إلى السلام منذ اللحظة الأولى لهذه الحرب”. وأضاف: “هناك مقترحات واقعية مطروحة على الطاولة، والمفتاح هو التحرك بسرعة وفعالية”.

وأشار زيلينسكي إلى أنه لن يحضر المحادثات مع المسؤولين الأميركيين، إلا أن الوفد الأوكراني سيضم وزيري الخارجية والدفاع، ومسؤولًا عسكريًا كبيرًا، ورئيس ديوان الرئاسة.

ويتعرض الرئيس الأوكراني لضغوط شديدة من إدارة ترامب للموافقة على اتفاق سلام، ويبدو أنه أعاد ضبط رسائله بعد أن هاجمه ترامب ونائبه جي دي فانس بعنف قبل عشرة أيام في المكتب البيضاوي، بسبب ما وصفوه بأنه “نكران للجميل” تجاه الدعم الأميركي.

وقد صرّح ترامب مرارًا بأن زيلينسكي لا يملك “الأوراق الرابحة” في ظل قوة الجيش الروسي، وكاد يطالب أوكرانيا صراحة بقبول شروط دبلوماسية وضعتها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب.

ومع ذلك، هناك مؤشرات على تحسن موقف أوكرانيا ميدانيًا، حيث نجحت القوات الأوكرانية في الأشهر الأخيرة في وقف هجوم روسي واستعادت بعض المناطق الصغيرة.

وقال ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لإدارة ترامب إلى الشرق الأوسط، إن موقف زيلينسكي المتواضع بعد المواجهة الحادة في البيت الأبيض قد حسن من موقف أوكرانيا لدى المسؤولين الأميركيين. ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة مجمدة لمساعدتها العسكرية لكييف.

وكتب زيلينسكي يوم السبت أنه “ملتزم تمامًا بالحوار البناء”، معربًا عن أمله في “مناقشة واتخاذ القرارات والخطوات اللازمة” خلال زيارته إلى السعودية. ووفقًا لوزارة الخارجية الأميركية، فإن ماركو روبيو سيكون في مدينة جدة الساحلية لإجراء محادثات مع المسؤولين الأوكرانيين من الاثنين حتى الأربعاء، وكان من المتوقع أن يلتقي بالأمير محمد بعد وصوله مساء الاثنين.

ويُعد موقف ترامب تجاه روسيا وأوكرانيا متقلبًا في بعض الأحيان؛ إذ صرح يوم الجمعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنه يفكر في فرض عقوبات كبيرة على روسيا للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، مطالبًا البلدين بـ”الجلوس إلى طاولة المفاوضات فورًا، قبل فوات الأوان”.

لكن بعد ساعات، أخبر الصحفيين في البيت الأبيض بأنه يشعر بأن المحادثات مع روسيا تسير على ما يرام، معتبرًا أن التعامل مع أوكرانيا أصبح “أكثر صعوبة، بصراحة”.

أما بالنسبة للأمير محمد، فإن لعب دور الوسيط في الحرب يُعد فرصة لتعزيز نفوذه خارج الشرق الأوسط. وقد تجنبت السعودية الانحياز لأي طرف في الصراع، وفي أغسطس 2023 استضافت مؤتمرًا في جدة بمشاركة ممثلين عن أكثر من 40 دولة لمناقشة مسارات تحقيق السلام.

ووصفت أوكرانيا تلك المشاورات بأنها “مثمرة”، بينما قللت روسيا، التي لم تتم دعوتها، من أهمية الاجتماع.

قد يعجبك ايضا