الكونغرس الأمريكي يهاجم الاتحاد الأوروبي ويتهمه بـ”الرقابة الأجنبية” على حرية التعبير الرقمية
صعّد الكونغرس الأمريكي من انتقاداته الحادة لقانون الخدمات الرقمية الذي أقره الاتحاد الأوروبي مؤخرًا، معتبرًا إياه تهديدًا لحرية التعبير ورقابة عابرة للحدود تستهدف بشكل خاص شركات التكنولوجيا الأمريكية والخطاب السياسي المحافظ.
وفي تقرير جديد صدر عن لجنة القضاء في مجلس النواب الأمريكي، واطلعت عليه بوليتيكو، وصفت اللجنة القانون الأوروبي بأنه “نظريًا سيئ، وعمليًا أسوأ”، متهمة بروكسل بـ “فرض رقابة رقمية شاملة” تتجاوز الحدود وتؤثر على المواطنين الأمريكيين.
مراسلات وبيانات مسربة
التقرير المؤلف من 37 صفحة، والذي يمثل خلاصة تحقيق استمر خمسة أشهر، استند إلى مراسلات رسمية بين مسؤولي المفوضية الأوروبية والنائب الجمهوري جيم جوردان، رئيس لجنة القضاء في مجلس النواب. كما تضمّن أدلة غير علنية تتعلق بكيفية تنفيذ قانون الخدمات الرقمية داخل دول الاتحاد، من بينها مراسلات بريد إلكتروني، وطلبات إزالة محتوى في فرنسا وألمانيا وبولندا، إلى جانب وثائق من ورش عمل مغلقة جمعت مسؤولين أوروبيين مع شركات تكنولوجيا كبرى ومنظمات مجتمع مدني.
وذكر التقرير أن القانون “يستهدف الخطاب السياسي الجوهري غير الضار وغير غير القانوني، خصوصًا حول قضايا مثل الهجرة والبيئة”، مع تحيّز واضح ضد المحافظين، حسب تعبير اللجنة.
مسؤولون أمريكيون: “دفاع أوروبي زائف”
الهجوم ليس جديدًا تمامًا. فخلال الأشهر الماضية، عبّر البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية عن قلقهما من “قواعد أوروبية غير منصفة تستهدف الشركات الأمريكية”، إلا أن هذا التقرير هو أول توثيق رسمي من الكونغرس يدعم هذه الادعاءات بتفاصيل وإثباتات.
ووصف رئيس اللجنة، جيم جوردان، القانون الأوروبي بأنه “غطاء رقابي بلبوس تنظيم المنصات”، متهمًا المفوضية الأوروبية بإخفاء نواياها الحقيقية في ورش عمل سرية.
الاتحاد الأوروبي يرد: “القانون لا يُجرّم المحتوى القانوني”
من جانبه، دافع المتحدث باسم المفوضية الأوروبية توماس رينيه عن القانون، قائلاً إن حرية التعبير “حق أساسي” في تشريعات الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن “لا شيء في قانون الخدمات الرقمية يُجبر المنصات على إزالة محتوى قانوني”.
وأضاف رينيه أن أكثر من 99% من قرارات تعديل المحتوى تقوم بها الشركات نفسها استنادًا إلى شروط استخدامها، وأن طلبات الإزالة الصادرة عن هيئات تنظيمية تمثل أقل من 0.001% من التعديلات.
جولة أوروبية مرتقبة لمناقشة الرقابة
من المقرر أن يقود النائب جوردان وفدًا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى أوروبا الأسبوع المقبل، لمناقشة ملف الرقابة وحرية التعبير مع مسؤولين في المفوضية الأوروبية، بما في ذلك نائبة الرئيس التنفيذي للسياسة التقنية هينا فيركونين.
وسيشمل جدول الزيارة مناقشة سياسات تصنيف المنصات الإلكترونية الضخمة (VLOP)، وهو التصنيف الذي يفرض التزامات مشددة على الشركات التي يتجاوز عدد مستخدميها 45 مليونًا شهريًا في الاتحاد الأوروبي، ويُنظر إليه في واشنطن على أنه وسيلة لعرقلة عمل شركات أمريكية مقابل منح مرونة لشركات أوروبية.
انتقادات لهيئات التدقيق والمراقبة
انتقد التقرير الأمريكي أيضًا ما وصفه بـ “نظام رقابي غير مستقل”، يتألف من هيئات لتسوية النزاعات خارج القضاء، ومراقبين موثوقين يجب أن توافق عليهم الجهات التنظيمية الأوروبية مسبقًا. وأكد التقرير أن بعض هذه الكيانات تعاني من تضارب مصالح بسبب تمويلها أو توجهاتها السياسية أو صلاتها بشركات متنافسة.
وفي سيناريو مثير للجدل تم عرضه في إحدى ورش العمل المغلقة، ناقش المسؤولون الأوروبيون كيف يجب التعامل مع منشور يتضمن عبارة “علينا استعادة بلدنا” أسفل صورة امرأة محجبة مع تعليق مسيء، وهو ما وصفه التقرير الأمريكي بأنه “تجريم ضمني لعبارات سياسية مستخدمة بشكل مشروع حتى من قبل مسؤولين أمريكيين كبار.”