المملكة المتحدة تستعد للموافقة على بناء سفارة صينية ضخمة في لندن
من المتوقع أن يوافق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على مشروع بناء سفارة صينية جديدة في وسط لندن، على الرغم من سلسلة من المخاوف الأمنية المثارة منذ الإعلان عن المشروع.
وذكرت صحيفة التايمز أن أجهزة الاستخبارات البريطانية، MI5 وMI6، أبدت موافقتها على المضي قدمًا في المشروع مع إدخال بعض التعديلات والإجراءات لضمان حماية الأمن القومي. ولم ينكر مسؤول حكومي بريطاني هذه المعلومات عند الضغط عليه للحصول على تعليق.
ومن المتوقع أن يصبح المبنى الجديد، الذي تبلغ مساحته 20 ألف متر مربع ويقع بالقرب من برج لندن، أكبر سفارة صينية في أوروبا عند اكتماله.
وقد اشترت الصين الموقع عام 2018 مقابل 255 مليون جنيه إسترليني، إلا أن المشروع أثار جدلاً طويلًا بسبب قربه من كابلات الاتصالات المؤدية إلى الحي المالي الحيوي في مدينة لندن، ومخاوف حول رفض بكين تقديم مخططات التصميم الداخلي الكاملة للسلطات البريطانية.
وحذرت الصين في الأشهر الأخيرة من “العواقب” إذا لم تمنح المملكة المتحدة تصريح التخطيط، ما دفع الوزراء البريطانيين إلى تأجيل اتخاذ القرار مرارًا وتكرارًا.
رغم ذلك، أشار رئيس جهاز المخابرات البريطاني السابق، ريتشارد مور، إلى أن السماح ببناء السفارة كان قرارًا “صحيحًا وسليمًا” على الرغم من المخاوف الأمنية.
ويأتي قرار ستارمر في وقت حساس على الصعيد المحلي، حيث تواجه حكومته انتقادات شديدة بشأن علاقتها بالصين.
فقد أثارت فشل محاكمة رجلين متهمين بالتجسس لصالح بكين استياءً واسعًا، فيما طالب متشككون الحكومة بنشر مراجعة شاملة لسياسة المملكة المتحدة تجاه بكين.
كما حذرت الأجهزة الأمنية هذا الأسبوع أعضاء البرلمان من أنهم أصبحوا هدفًا نشطًا لعملاء الدولة الصينية على منصة LinkedIn.
وتشير التقديرات إلى أن الحكومة البريطانية ستعتمد على عدد من “التخفيفات الأمنية” لضمان عدم تعرض الشبكات الحيوية والمواقع الحساسة للخطر، بما في ذلك إجراءات للمراقبة الإلكترونية ومراجعة تصميم المبنى لضمان عدم استغلاله لأغراض التجسس.
ويعد المشروع جزءًا من جهود المملكة المتحدة لإعادة ضبط علاقاتها الاقتصادية مع الصين، في ظل سعي لندن لتعزيز التجارة والاستثمار مع بكين.
ومن المتوقع أن يقوم ستارمر بزيارة رسمية للصين العام المقبل، وهي أول زيارة لرئيس وزراء بريطاني منذ زيارة تيريزا ماي عام 2018، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ومع أن القرار يمثل خطوة كبيرة في العلاقة الثنائية، إلا أنه يثير جدلاً داخليًا واسعًا حول التوازن بين الأمن القومي والمصالح الاقتصادية. ويعتقد المحللون أن أي إهمال في التدقيق الأمني قد يعرض المملكة المتحدة لمخاطر تجسس متقدمة من قبل الصين، فيما ترى الحكومة أن الموافقة على المشروع ضرورية لتعزيز الحوار الدبلوماسي والاقتصادي.
ويُظهر هذا القرار التحديات المستمرة التي تواجهها لندن في إدارة علاقاتها مع القوى الكبرى، حيث يتعين على المملكة المتحدة الموازنة بين حماية مصالحها الأمنية والضغط الاقتصادي والسياسي للصين، في وقت تتزايد فيه المخاطر السيبرانية والاستخباراتية على المستوى الدولي.