إدارة ترامب تضغط لاستبعاد الطلاب المهاجرين من الرسوم الدراسية داخل الولاية
في خطوة مثيرة للجدل، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة قانونية منظمة ضد سياسات الرسوم الدراسية التفضيلية التي تمنحها بعض الولايات الأمريكية للطلاب المهاجرين غير النظاميين، وتحديداً أولئك الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة في سن الطفولة. وترى الإدارة أن هذه السياسات تميّز بشكل غير عادل ضد المواطنين الأمريكيين والمقيمين القانونيين.
وتُعد ولاية تكساس، التي كانت أول ولاية تمنح الطلاب غير المسجلين الحق في دفع رسوم داخل الولاية منذ 24 عامًا، أبرز مثال على نجاح الحملة. ففي غضون ساعات من مشاورات مع البيت الأبيض، ألغت الولاية سياستها التاريخية هذه، في مشهد يعكس مدى تأثير إدارة ترامب في إعادة تشكيل السياسات التعليمية عبر الولايات.
حملة قانونية موجهة
رفعت وزارة العدل دعاوى قانونية ضد ولايات مثل تكساس وكنتاكي ومينيسوتا، بحجة أن قوانين الرسوم الدراسية داخل الولاية تمنح “امتيازًا غير دستوري” للأجانب غير النظاميين. ووفقًا لوزارة العدل، فإن هذه السياسات تقدم مزايا تعليمية غير متاحة لمواطن أمريكي قادم من ولاية مجاورة.
وقالت المدعية العامة بام بوندي في بيان: “بموجب القانون الفيدرالي، لا يجوز للمدارس منح مزايا تعليمية للأجانب غير الشرعيين لا يتمتع بها المواطنون الأمريكيون. لن نسمح بتحويل أبناء البلاد إلى مواطنين من الدرجة الثانية”.
ويستند الهجوم القانوني إلى أمر تنفيذي أصدره ترامب في أبريل/نيسان، يوجه الوكالات الفيدرالية لمراجعة السياسات التي قد تمنح “فوائد غير عادلة” للمهاجرين غير الموثقين.
انقسام حزبي متصاعد
يُعد هذا الملف من أكثر المسائل إثارة للانقسام في المشهد السياسي الأمريكي. فبينما كانت السياسات الداعمة للطلاب المهاجرين قد حظيت سابقًا بدعم الحزبين، تعزز إدارة ترامب اليوم الاتجاه المحافظ الرامي إلى إنهاء هذه “الاستثناءات” التعليمية.
وكانت ولاية فلوريدا قد سبقت تكساس في فبراير/شباط بإلغاء قانون مماثل صدر عام 2014. وقد تبع القرار احتجاجات من قبل مدافعين عن حقوق التعليم، الذين حذروا من أن ذلك سيؤدي إلى خسائر تصل إلى 15 مليون دولار من رسوم التسجيل سنويًا، فضلًا عن تراجع أعداد الملتحقين بالجامعات.
آثار على آلاف الطلاب
وفقًا لتقديرات المركز الوطني لإحصاءات التعليم، هناك ما يقرب من 408,000 طالب غير موثق يدرسون في مؤسسات التعليم العالي، ويشكلون أقل من 2% من إجمالي الطلاب الجامعيين. حوالي 119,000 منهم يتمتعون بالحماية بموجب برنامج DACA الذي أُقر في عهد أوباما.
ويقول مانويل غونزاليس، نائب رئيس مجلس أمناء كلية أوستن: “هؤلاء الطلاب لا يعرفون وطنًا سوى أمريكا. السياسات الجديدة لا تستهدف فقط إمكانية دخولهم التعليم، بل تهاجم إنسانيتهم وأحلامهم في مستقبل أفضل”.
معركة سياسية وقانونية متواصلة
في ولاية كنتاكي، حث المدعي العام الجمهوري راسل كولمان مجلس التعليم العالي على سحب لوائحه بدلاً من خوض معركة قانونية قال إنها “خاسرة سلفًا”. وتبنى الحاكم الديمقراطي آندي بشير موقفًا معارضًا، قائلاً إن هذه السياسات “كانت تُبنى سابقًا على منطق الإنصاف، لا الأيديولوجيا السياسية”.
وتسعى منظمات مثل “TheDream.US” واتحاد الحريات المدنية الأمريكي إلى الدفاع عن هذه السياسات، معتبرين أن إلغاؤها “لن يردع الهجرة غير النظامية، بل فقط يدمر مستقبل أجيال ويفاقم عدم المساواة”.
وقالت الناشطة غابي باتشيكو: “الناس لا يهاجرون إلى أمريكا طمعًا في تخفيض رسوم الجامعة. إنهم يأتون بحثًا عن الأمان والفرص”.
مستقبل غامض للسياسات التعليمية
حتى الآن، لا تزال سياسات الرسوم الدراسية داخل الولاية سارية في أكثر من 20 ولاية، من بينها كاليفورنيا ونيويورك ومينيسوتا. لكن مع تصاعد الضغوط من إدارة ترامب، يتوقع مراقبون أن تواجه هذه القوانين تحديات قانونية مماثلة خلال الشهور المقبلة.
وفي الوقت الذي تُعد فيه الجامعات مستقبلها في ظل تراجع التسجيل العام بنسبة 15% بين عامي 2010 و2021، تواجه المؤسسات التعليمية الأميركية معركة مزدوجة: الحفاظ على التنوّع في حرمها الجامعي، وضمان تدفق الموارد المالية وسط تشديد السياسات الفيدرالية تجاه المهاجرين.