النفط يتراجع بفعل بيانات وظائف أميركية ضعيفة ورسوم جمركية جديدة من ترامب

انخفضت أسعار النفط العالمية بشكل حاد اليوم مدفوعة ببيانات وظائف أميركية جاءت أقل من التوقعات، وبتأثيرات سلبية متزايدة من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما أثار مخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ الطلب العالمي على الطاقة.

وأغلق خام برنت، المعيار العالمي للنفط، منخفضًا بنسبة 2.83% ليصل إلى 69.67 دولارًا للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 2.79% ليبلغ 67.33 دولارًا، وهو أكبر انخفاض يومي منذ 24 يونيو.

بيانات أميركية ضعيفة تهز الثقة بالطلب
أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية أن سوق العمل الأميركي تباطأ بشدة في يوليو، حيث أضاف الاقتصاد 73 ألف وظيفة فقط، مقارنة بتوقعات بلغت 100 ألف وظيفة. كما تم تخفيض بيانات شهري مايو ويونيو بأثر رجعي، في إشارة إلى تدهور أوسع نطاقًا في النشاط الاقتصادي.

وارتفع معدل البطالة إلى 4.2%، ما عزز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) قد يلجأ إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر في سبتمبر.

وقال نايجل غرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة ديفير، إن الأرقام “تشير إلى سوق عمل أضعف بكثير مما كان يُعتقد، وقد تكون بمثابة نقطة تحوّل تدفع السياسة النقدية نحو مزيد من التيسير”.

أوبك+ تضغط على السوق بزيادة الإمدادات
تلقّى السوق ضغوطًا إضافية من توقعات بزيادة الإمدادات النفطية. ويُنتظر أن يعلن تحالف أوبك+ عن إضافة 548 ألف برميل يوميًا إلى السوق اعتبارًا من سبتمبر خلال اجتماعه في 3 أغسطس. ويقول محللون إن هذه الزيادة قد تؤدي إلى تراكم فائض في المعروض، في وقت يتباطأ فيه الطلب العالمي.

ترامب يفرض رسومًا جمركية جديدة تشمل دولًا نفطية
أعلنت إدارة ترامب الخميس عن رسوم جمركية جديدة تتراوح بين 10% و41% على عشرات الدول، في إطار ما يُسمّى بـ”الرسوم المتبادلة”، مما أثار مخاوف واسعة بشأن النمو التجاري العالمي. وارتفعت الرسوم على كندا من 25% إلى 35%، رغم استثناء قطاع النفط بموجب اتفاقية التجارة الثلاثية (USMCA).

ومن بين دول الشرق الأوسط، تخضع سوريا لرسوم بنسبة 41%، والعراق بنسبة 35%، وليبيا بنسبة 30%، في حين فُرضت رسوم بنسبة 15% على الأردن وإسرائيل. ورغم أن صادرات النفط لا تزال معفاة من هذه الرسوم، إلا أن تأثيرها على قطاعات أخرى يزيد الضغوط الاقتصادية على هذه البلدان، ويؤثر بشكل غير مباشر على تجارة الطاقة العالمية.

وقال دانييل ريتشاردز، الاقتصادي في بنك الإمارات دبي الوطني، إن “الأسواق ستركز على أي ردود انتقامية محتملة من الشركاء التجاريين المستهدفين، وعلى ما إذا كانت هذه الرسوم تمهّد لجولة جديدة من التوتر التجاري العالمي”.

تهديدات أميركية لمشتري النفط الروسي
إلى جانب الرسوم العامة، هدّد ترامب بفرض رسوم جمركية ثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي، مثل الصين والهند، إذا لم تتوصل موسكو إلى هدنة في أوكرانيا بحلول الموعد النهائي الذي حددته واشنطن.

ويرى جيوفاني ستونوفو، الخبير الاستراتيجي في بنك “يو بي إس”، أن “هذه الرسوم تشكّل أداة ضغط دبلوماسي على موسكو، لكنها قد تؤدي إلى تقييد حركة النفط في بعض الأسواق، ما يزيد من تقلب الأسعار”.

النفط في مواجهة سيناريو ركود عالمي
قال جوزيف داهرييه، المدير التنفيذي في شركة “تيكميل”، إن مزيج البيانات الضعيفة وارتفاع الرسوم الجمركية يُنذر بـ”ركود معتدل” قد يضرب الأسواق الكبرى المستهلكة للطاقة، ما قد يؤدي إلى انخفاضات أخرى في أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة.

وأوضح أن “الرسوم الجديدة قد تُغذي التضخم، وتؤخّر تخفيض الفائدة، وتزيد من تكاليف الاقتراض، ما يُبطئ الاستهلاك العالمي ويقلل من الطلب على الطاقة”.

آفاق ضبابية وتحركات حذرة
وقال مايكل براون، كبير محللي الأبحاث في شركة بيبرستون، إن السوق “مُعرّض بشدة لتقلبات حادة”، ويُرجح أن تبقى الأسعار منخفضة طالما استمر الغموض حول السياسة النقدية والتجارية الأميركية، ومفاوضات الرسوم بين واشنطن وشركائها.

وأضاف: “قد تكون الرسوم مجرد ورقة تفاوض، لكن المخاطر حقيقية، والأسواق لم تعد تتسامح مع عدم اليقين”.

ويواجه سوق النفط العالمي ضغوطًا مركبة من تباطؤ اقتصادي أميركي واضح، وتوسع السياسات الحمائية التجارية، وزيادة مرتقبة في الإمدادات. وبينما تبقى بعض عوامل الخطر في طور التفاوض، فإن ميزان المخاطر يميل بشدة نحو تراجع الأسعار، ما يضع المنتجين والمستثمرين أمام تحديات استراتيجية متزايدة خلال النصف الثاني من 2025.

قد يعجبك ايضا