ترامب يستعين بزيلينسكي وحلفائه الأوروبيين بعد فشل محادثاته مع بوتين

بعد محادثاته التي وُصفت بـ”الفاشلة” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة دبلوماسية جديدة تستند إلى إشراك أوكرانيا وحلفاء واشنطن الأوروبيين، في محاولة لإنقاذ مسار التسوية المتعثر للحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في أوكرانيا.

المحادثات بين ترامب وبوتين، التي استضافتها قاعدة إلمندورف ريتشاردسون المشتركة في ولاية ألاسكا، انتهت دون تحقيق أي اختراق دبلوماسي، رغم الأجواء الإيجابية التي حاول ترامب بثها.

الرئيس الأميركي وصف اللقاء بأنه كان “مثمراً للغاية”، مؤكدًا أنه تم الاتفاق على “العديد من النقاط”، لكنه اعترف بأن “الطريق لا يزال طويلًا” للتوصل إلى تسوية. أما بوتين، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فقد رفض الرد على أسئلة الصحفيين الدوليين، مكتفيًا بالتشديد على أن الهجوم الروسي على أوكرانيا جاء بدافع “تهديدات جوهرية لأمننا”. لكنه ألمح إلى أن اتفاقًا ما مع ترامب قد “يمهد الطريق نحو السلام”.

ترامب يلجأ إلى كييف وأوروبا

إثر فشل القمة، بادر ترامب إلى عقد مكالمة هاتفية موسعة مع عدد من القادة الأوروبيين، شارك فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، ورؤساء حكومات من بولندا وإيطاليا وفنلندا.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، أريانا بوديستا، إن ترامب “أطلع القادة الأوروبيين على نتائج قمة ألاسكا”، مشيرة إلى أن المكالمة جاءت “في أجواء تشاورية موسعة”.

زيلينسكي أكد من جانبه أنه أجرى محادثة “طويلة ومهمة” مع ترامب، بدأت بشكل ثنائي قبل انضمام القادة الآخرين. وأضاف: “ندعم اقتراح الرئيس ترامب بعقد اجتماع ثلاثي بين أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا. أوكرانيا تؤكد على إمكانية مناقشة القضايا الرئيسية على مستوى القادة، وأن الصيغة الثلاثية مناسبة لذلك”.

وأعلن أنه سيسافر إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل للقاء ترامب.

قلق أوروبي وتحركات داخلية

داخل الاتحاد الأوروبي، أثارت التطورات مخاوف من أن يسعى ترامب لعقد صفقات مغلقة مع بوتين، بعيدًا عن أوكرانيا وحلفائها. لذلك، عُقد صباح السبت اجتماع استثنائي لسفراء الدول الأعضاء الـ27 في بروكسل لمناقشة الخطوات المقبلة.

بحسب دبلوماسيين، عُقد الاجتماع في “جلسة محدودة” بدون هواتف أو مساعدين لتقليل خطر التسريبات، في إشارة إلى حساسية المداولات.

القادة الأوروبيون عبّروا عن قلقهم سرًا من أن أي اتفاق ثنائي بين ترامب وبوتين قد يُفرض على أوكرانيا، لكنهم أبدوا تفاؤلًا علنيًا بعد القمة الافتراضية الأخيرة مع ترامب، التي أكد فيها أنه “لن يفرض أي تبادل إقليمي دون موافقة كييف”.

استراتيجية ترامب الجديدة

يبدو أن ترامب يسعى إلى صياغة تسوية عبر مقاربة متعددة الأطراف تشمل أوكرانيا وأوروبا، بعد أن فشلت المحاولة الثنائية مع بوتين.

المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لعبا دورًا رئيسيًا في تنسيق المحادثات الأخيرة، فيما كثفت الإدارة الأميركية اتصالاتها مع حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.

هذه الخطوات تشير إلى إدراك واشنطن أن الضغط الجماعي عبر التحالف الغربي قد يكون أكثر فاعلية في دفع روسيا نحو تقديم تنازلات، مقارنة بالمفاوضات المباشرة التي لم تُسفر عن نتائج.

مستقبل غامض للحرب

رغم الزخم الدبلوماسي الجديد، لا تزال فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو تسوية نهائية غير واضحة. روسيا لم تُبد أي استعداد علني لتقديم تنازلات جوهرية، بينما تصر أوكرانيا على استعادة سيادتها على أراضيها المحتلة.

وفي المقابل، تسعى أوروبا إلى الحفاظ على وحدة موقفها الداخلي، وسط مخاوف من أن يؤدي أي اتفاق جزئي إلى تكريس واقع تقسيم الأراضي.

قد يعجبك ايضا