ترامب ينقل حاملة طائرات إلى أمريكا الجنوبية ويترك أوروبا والشرق الأوسط بدون حاملات

أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل حاملة الطائرات الأكثر تقدّماً في الأسطول الأميركي، يو إس إس جيرالد آر. فورد، إلى مياه أمريكا الجنوبية في إطار حملة مكثفة ضد شبكات تهريب المخدرات، قرار أحدث فراغًا استراتيجيًا واضحًا في محاور بحرية حسّاسة: لا توجد حاملة طائرات أميركية منتشرة حاليًا في مياه أوروبا أو الشرق الأوسط، بينما تبقى حاملتان أو أقل في مناطق النشر التقليدية.

ويمثل التحرك تغييرًا لافتًا في أولويات الإدارة، التي تصعّد من هجماتها البحرية ضد ما تصفه بـ«عصابات المخدرات»؛ وقد برزت أهمية هذا القرار خلال تصاعد العمليات الأميركية في المنطقة المجاورة لفنزويلا، حيث استهدفت البحرية قواربَ تُتهم بتهريب شحنات مخدِّرات، ما أدّى إلى عشرات الضحايا بحسب إعلان البنتاغون.

وأوضح ترامب من على متن حاملة أخرى، يو إس إس جورج واشنطن، أن هدفه هو وقف دخول المخدرات عبر البحر والبر.

والنقل المفاجئ لـ«فورد» ترك البحر الأبيض المتوسط والمنطقة العربية مع وجود حاملتي طائرات أقل أو معدومة، في لحظة حسّاسة تزيّنها مخاوف من انهيار وقف إطلاق نار هش بين إسرائيل وحماس، وتصاعد التوترات مع إيران، بالإضافة إلى استمرار العمليات ضد المتمردين الحوثيين في البحر الأحمر.

ودفعت هذه الحقائق محللين لتسليط الضوء على مخاطرة تقليل التواجد البحري الأميركي في مسارح استراتيجية تشهد توترات عالية.

وحذر مارك كانشيان، مستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وعميد سابق في مشاة البحرية، من أن الموارد البحرية الحالية محدودة، مشيرًا إلى أن ثلاثًا فقط من أصل 11 حاملة طائرات أميركية تتواجد عادةً في البحر.

وسأل كانشيان عن مدة بقاء «فورد» في أمريكا الجنوبية، محذّرًا من احتمال تداخل أزمات في الشرق الأوسط أو أوروبا مع حاجة العاصمة لإعادة توزيع القوة.

في الوقت نفسه، تتحرّك واشنطن عسكريًا أقرب إلى السواحل الفنزويلية. التجمّع البحري المتزايد شمل سفنًا حربية ومدمّرات وسفن إنزال وغواصات، وتم نشر طائرات إف-35 وقاذفات بعيدة المدى إلى قواعد إقليمية.

وقد أقرّت الإدارة بمقتل عشرات الأشخاص في ضربات ضد سفن يُزعم أنها نقلت مخدّرات، بينما يصف ترامب شبكات التهريب بأنها «أعداء مسلحون» يبرر بها سلوكًا عسكريًا واسع النطاق على أساس سلطات مكافحة الإرهاب.

وصعّد الرئيس نيكولاس مادورو من لهجته متّهماً إدارة ترامب بمحاولة تصعيد عداء وتهديد سيادته، بينما نقل وزير الخارجية ماركو روبيو اتهامات مباشرة لمدّ الحكومة الفنزويلية بمساعدة شبكات التهريب.

وقد تحول التوتر إلى تكهنات حول هدف أوسع: هل تسعى واشنطن إلى دفع مادورو من السلطة أو إشعال موجة اضطرابات تعرض البلد لانهيار طويل الأمد؟

بموازاة ذلك تباينت ردود الفعل داخل واشنطن: أعرب مشرعون من الحزبين عن قلقهم بشأن اتخاذ خطوات عسكرية من دون استشارة الكونغرس أو تفصيلٍ واضح للأهداف والضوابط.

في المقابل، أيد بعض الحلفاء مثل السيناتور ليندسي غراهام الصرامة، إذ حذر من السكوت أمام قوارب تهريب المخدرات، واعتبر أن الضربات وربما العمليات البرية «احتمال حقيقي» إذا استمر التدفق.

يُضاف إلى ذلك أن حاملتي طائرات أخريين في الأسطول تعانيان من قيود؛ فـ«نيميتز» في طريقها إلى التقاعد بعدما شهدت مؤخرًا حوادث فقدان طائرات، في حين أن «ثيودور روزفلت» تجري تدريبات محلية بعيدة عن مناطق النشر.

النتيجة العملية هي وضع أميركي غير مألوف: تقليل الوجود البحري القابل للإسقاط في مناطق حاسمة في وقت تتزايد فيه المخاطر الإقليمية.

ويذهب محللون إلى أن قرار نقل «فورد» يعكس إعادة ترتيب أولويات ترامب نحو نصف الكرة الغربي، لكنه يفتح باب المخاطر الأمنية في الشرق الأوسط وأوروبا وفي المسرح العالمي الأوسع، حيث قد تخلق فجوة القدرة على الرد السريع في حال تصاعد نزاع أو أزمة غير متوقعة.

وفي خضمّ هذه التحولات، يبقى السؤال حول التوازن بين هدفين متنافرين: مكافحة تهريب المخدرات على المدى القريب وحماية المصالح الأميركية الممتدة في مسارح دولية حساسة.

والرهان اليوم يقوم على قدرة القيادة الأميركية على إدارة مواردها المحدودة دون الإضرار بحلفائها أو السماح بتدهور الأوضاع في مناطقٍ قد تتطلب ردًّا بحريًا سريعًا ومؤثرًا.

قد يعجبك ايضا