تهديد ترامب برسوم 100 في المئة يعيد إشعال حرب الرسوم مع الصين

تعهّدت الحكومة الصينية بالرد على أي رسوم أميركية جديدة بعدما لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض تعريفة قدرها 100 في المئة على الواردات الصينية بدءاً من مطلع نوفمبر، في تصعيد مرتبط بقيود بكين الأخيرة على صادرات المعادن النادرة.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن بلاده لا ترغب في حرب رسوم لكنها لا تخشاها، واصفاً النهج الأميركي بأنه معايير مزدوجة وإضرار بمناخ المحادثات الاقتصادية.

وجاء تهديد ترامب عبر منشور على منصة تروث سوشيال، متوعداً أيضاً بضوابط تصدير جديدة على أي برمجيات أساسية، في خطوة أنهت عملياً هدنة هشة اتُّفق عليها في أغسطس لتخفيف الرسوم حتى 10 نوفمبر.

وذكرت تقارير أن الزيادة المقترحة سترفع متوسط التعريفة الحالية من نحو 55 في المئة إلى 100 في المئة على السلع الصينية المتجهة إلى السوق الأميركية. كما لمح ترامب إلى إمكان إرجاء الموعد لكنه أكد أن الرسالة إلى بكين واضحة.

وتصرّ بكين على أن ضوابطها التصديرية على عناصر ومعادن نادرة ضرورية لأسباب أمنية ولا تشكل حظراً شاملاً، مشددة على أن الإمدادات المشروعة ستستمر بترخيص.

وتكشف هذه القيود حساسية سلاسل التوريد المتداخلة، إذ تعتمد صناعات أميركية أساسية – من السيارات الكهربائية إلى المعدات الطبية ومنظومات الدفاع – على مغناطيسات ومعالجات ذات صلة بالمعادن النادرة التي تهيمن الصين على استخراجها ومعالجتها.

وقد حذّرت أوساط صينية رسمية من وصول هذه المواد إلى مستخدمين عسكريين في الخارج.

وقد ارتدّت التطورات سريعاً على الأسواق. أشارت تقارير إلى تراجع حاد في مؤشرات الأسهم الأميركية خلال جلسة الجمعة على وقع مخاوف من عودة التصعيد، قبل أن يحاول ترامب تهدئة القلق قائلاً إن الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين لا إيذاءها.

لكن محللين يرون أن الرسوم المتبادلة المحتملة سترفع تكاليف الواردات قبل موسم العطلات، وتنعكس على الشحن وتجزئة التجزئة، وتعيد إحياء ضغوط تضخمية عالمية.

ويتجاوز الاشتباك الراهن ملف الرسوم إلى سباق التكنولوجيا المتقدمة. فبينما تُبقي واشنطن قيوداً صارمة على وصول الصين إلى الرقائق المتقدمة باعتبارات أمن قومي، شددت بكين أدوات نفوذها في المواد الأولية الحرجة.

وفي موازاة ذلك، فعّلت الإدارة الأميركية مسار تصدير محدود لشرائح الذكاء الاصطناعي نحو الإمارات عبر شركات أميركية فقط مثل أوراكل، بما يعكس محاولة صياغة قواعد تصدير جديدة في البيئة الإقليمية دون خرق خطط كبح بكين.

ويلقى التصعيد ظلالاً على الاستحقاقات الدبلوماسية المقبلة. فتهديد ترامب بإلغاء لقائه المرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على هامش قمة أبيك في كوريا الجنوبية – قبل أن يتراجع عنه لاحقاً – يعكس هشاشة قناة التواصل السياسي في لحظة حساسة.

وترى أوساط متابعة أن الهدف الأميركي قد يكون الضغط لصفقة جديدة قبل الموعد النهائي في 10 نوفمبر، فيما تبقي بكين لهجة الرد مفتوحة مع مساحة تفاوض.

وعلى مستوى القراءة الاستراتيجية، يعتبر خبراء أن الهدنة الجمركية انتهت عملياً، وأن الطرفين يتجهان إلى اختبار حدود استخدام الترابط الاقتصادي كسلاح من دون الانزلاق إلى تداعيات خارجة عن السيطرة.

في هذا السياق، تبدو معادلة المعادن النادرة والرقائق عالية الأداء محور الاشتباك المقبل، حيث يُوازن كل طرف بين كلفة المواجهة وأثرها السياسي في الداخل.

وعليه يرفع تهديد الرسوم الأميركية واحتمال الرد الصيني سقف المخاطر في التجارة العالمية قبيل أسابيع من قمة أبيك والمهلة المحددة لإطار تفاوضي جديد.

وإذا لم تُفتح نافذة لخفض التصعيد، فقد تدخل سلاسل التوريد – من المعادن الحرجة إلى الإلكترونيات – مرحلة اضطراب أطول ينعكس على الأسعار، والنمو، والمشهد الجيوسياسي الأشمل بين أكبر اقتصادين في العالم.

قد يعجبك ايضا