جوجل تتجنب تفككًا تاريخيًا بقيمة 2.5 تريليون دولار

رفض قاضٍ فيدرالي أمريكي طلب وزارة العدل تفكيك شركة جوجل، مانعًا بذلك إجراءً كان قد يغيّر معالم صناعة التكنولوجيا العالمية. وبدلاً من إجبار الشركة على فصل متصفحها كروم ونظام التشغيل أندرويد، أمر القاضي أميت ميهتا بفرض قيود محدودة تلزم الشركة بمشاركة بياناتها مع المنافسين، ومنعها من فرض منتجاتها كخيار افتراضي على الأجهزة المحمولة.

والقضية، التي بدأت منذ ولاية ترامب الأولى وامتدت عبر إدارة بايدن وصولًا إلى ولاية ترامب الثانية، شكّلت أهم اختبار لمكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا منذ محاولة فاشلة لتفكيك مايكروسوفت في مطلع الألفية.

ورغم أن الحكم اعتبر سلوك جوجل احتكاريًا وغير قانوني، إلا أن ميهتا تجنّب فرض أقسى عقوبة – التفكيك – التي كانت وزارة العدل تطالب بها. وبذلك، احتفظت جوجل بمكانتها كواحدة من أكبر شركات العالم بقيمة سوقية تناهز 2.5 تريليون دولار.

تغييرات ملزمة على سلوك جوجل

بموجب القرار، على جوجل أن:
تشارك بيانات البحث مع منافسين لتمكين دخولهم إلى السوق.
تمتنع عن إبرام صفقات تجعل محرك البحث أو متصفح كروم أو أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها (جيميني) الخيار الافتراضي على الأجهزة.
ويرى خبراء أن هذه القيود أقل من طموحات المدعين، لكنها تظل إشارة إلى أن السلوك المناهض للمنافسة له ثمن قانوني.

ردود فعل متباينة

أعربت جوجل عن قلقها من القرار وأعلنت نيتها الاستئناف، بينما وصفت المدعية العامة بام بوندي الحكم بأنه خطوة مهمة لمحاسبة الشركات العملاقة.

أما الخبراء القانونيون، مثل ريبيكا هاو ألينسوورث من جامعة فاندربيلت، فرأوا أن القرار يمثل تحذيرًا صارمًا لجوجل بأن أي ممارسات مشابهة قد تكلّفها مستقبلًا.

لكن اقتصاديين مثل فلوريان إيديرر من جامعة بوسطن تساءلوا عما إذا كانت الإجراءات المحدودة كافية فعلًا لإعادة التوازن إلى سوق البحث، مشيرين إلى أن تفكيك الشركة كان سيشكل قرارًا تاريخيًا لو تم.

سياق أوسع من الضغوط العالمية

تزامن الحكم مع إعفاء مؤقت لجوجل في أوروبا من عقوبات متوقعة بشأن إعلانات البحث، بعد تدخل مفوض التجارة ماروش شيفتشوفيتش في ظل تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية ومنع تصدير الرقائق الإلكترونية.

كما يعكس القرار تحديًا أوسع: كيف يمكن تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار التقليدية على شركات تكنولوجية تقدّم خدمات مجانية للمستهلكين لكنها تتحكم فعليًا في البنية التحتية الرقمية العالمية.

والحكم الأخير لا يغلق ملف جوجل؛ إذ تواجه الشركة قضية ثانية لمكافحة الاحتكار تتعلق بسوق الإعلانات الرقمية بقيمة 300 مليار دولار. وقد حكمت قاضية فيدرالية في فرجينيا سابقًا بأن جوجل احتكرت السوق من خلال دمج خدمات الخوادم وتبادل الإعلانات.

إلى جانب جوجل، تقف شركات عملاقة أخرى في مرمى نيران وزارة العدل:
أمازون ستواجه محاكمة في 2027 بتهم تتعلق بخداع البائعين والمستهلكين.
آبل تواجه اتهامات باستغلال هيمنة آيفون لحصر المستخدمين ورفع التكاليف.
إنفيديا تخضع لتحقيق بشأن استحواذها على شركة ناشئة في الذكاء الاصطناعي.

قد يعجبك ايضا