تصاعد حدة الأزمة السياسية في فرنسا بسبب خطة تقشفية مثيرة للجدل
تصاعدت حدة الأزمة السياسية في فرنسا، بعدما هددت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بإسقاط حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، احتجاجًا على خطته المثيرة للجدل لتقليص ميزانية الدولة بنحو 43.8 مليار يورو، والتي تشمل إلغاء عطلتين رسميتين تعدان من أبرز الأعياد الوطنية.
وكتبت لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، في منشور على منصة «إكس» (تويتر سابقًا): «تفضل هذه الحكومة مهاجمة الشعب الفرنسي، العمال والمتقاعدين، بدلًا من مطاردة الهدر».
ويعتبر التجمع الوطني اليميني المتطرف الحزب الأكثر شعبية في فرنسا حاليًا، ويستعد لوبان لخوض السباق الرئاسي مجددًا في 2027، مستفيدة من حالة الغضب الشعبي التي قد تؤججها مقترحات بايرو التقشفية.
وأعلن بايرو، خلال مؤتمر صحفي استمر ساعتين ووصف بأنه «لحظة الحقيقة»، عن تفاصيل خطته التي تهدف إلى خفض الدين العام الفرنسي البالغ 3.3 تريليون يورو، والسيطرة على العجز المتنامي في المالية العامة.
وشملت الخطة خفض آلاف الوظائف في القطاع العام، وتقليص 5 مليارات يورو من ميزانية الصحة، وتجميد رواتب بعض موظفي الدولة، إضافة إلى تجميد زيادات معاشات التقاعد والمساعدات الاجتماعية التي كانت تُعدل عادة وفق معدلات التضخم.
لكن البند الأكثر إثارة للجدل تمثل في اقتراح إلغاء عطلتين رسميتين من أصل 11 عطلة رسمية في فرنسا، وقد أشار بايرو إلى احتمال إلغاء عيد الفصح أو يوم النصر في أوروبا (8 مايو) ضمن هذه الخطوة، بهدف زيادة الإنتاجية الاقتصادية والتقليل من الأسابيع القصيرة الناتجة عن تتابع العطلات في شهري أبريل ومايو.
وبرغم تأكيد بايرو على أن حكومته لن تلجأ إلى رفع الضرائب، فإنه أشار إلى إمكانية فرض «مساهمة تضامنية» على أصحاب الدخل المرتفع للمساعدة في سد العجز.
في المقابل، ستظل ميزانية الدفاع بمنأى عن التخفيض، إذ أعلن بايرو عن زيادتها بمقدار 6.5 مليار يورو العام المقبل، في ظل التوترات الأمنية التي تشهدها أوروبا.
وقال بايرو خلال المؤتمر الصحفي: «علينا كأمة أن نعمل أكثر. هذه تضحيات جماعية من أجل الصالح العام». لكنه أقر في الوقت نفسه بأن خطته قد تواجه عراقيل سياسية كبيرة، مضيفًا: «الحكومة تدرك أنها لا تزال تحت رحمة المعارضة وربما لا تكون قادرة على تنفيذ خطتها».
وأثارت هذه المقترحات انتقادات واسعة من أطراف سياسية متعددة، إذ أعلن نواب من حزب الخضر، والاشتراكيين، وحزب فرنسا المتمردة اليساري المتشدد، معارضتهم لموازنة 2026.
من جانبه، وصف جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، اقتراح إلغاء عطلة الثامن من مايو بأنه «هجوم مباشر» على التاريخ الفرنسي، بينما اعتبر جان فيليب تانجوي، أبرز خبراء الحزب في الملفات المالية، أن بايرو «يوجه إصبع الاتهام إلى الفرنسيين» بدلًا من معالجة أسباب الأزمة المالية الحقيقية.
ومن المقرر ألا يبدأ البرلمان الفرنسي مناقشاته الرسمية حول خطة الميزانية حتى ما بعد العطلة الصيفية، غير أن الأزمة الحالية تنذر بإمكانية سقوط حكومة بايرو في الخريف، ما يضع الرئيس إيمانويل ماكرون أمام مأزق سياسي جديد يزيد من حالة عدم الاستقرار في البلاد.