إيلون ماسك يقترح تأسيس حزب سياسي جديد لكسر هيمنة الحزبين الديمقراطي والجمهوري
أطلق الملياردير إيلون ماسك، مبادرة سياسية غير مسبوقة قد تهز المشهد الحزبي في الولايات المتحدة، معلناً عبر منشور على منصة X (تويتر سابقاً) عن استراتيجيته لتأسيس حزب سياسي جديد أطلق عليه مبدئياً اسم «حزب أمريكا».
هذه الخطوة، التي وصفها مراقبون بأنها «بالون اختبار»، تأتي وسط حالة استقطاب سياسي حاد ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية في نوفمبر المقبل، حيث يمكن لأموال ماسك الهائلة ونفوذه الجماهيري أن يُحدثا فرقاً كبيراً في سباقات انتخابية متقاربة.
كسر احتكار الحزبين
في منشوره الذي أثار ضجة واسعة، تساءل ماسك أمام أكثر من 180 مليون متابع: «هل تريدون الاستقلال عن نظام الحزبين (أو كما يسميه البعض الحزب الواحد)؟ هل ستدعمون إنشاء حزب أمريكا؟»
بعد ذلك أوضح ماسك ملامح خطته، قائلاً إن إحدى طرق تحقيق هذا الهدف تكمن في التركيز الانتخابي على مقعدين أو ثلاثة فقط في مجلس الشيوخ، إضافة إلى ما بين ثماني إلى عشر دوائر انتخابية في مجلس النواب.
وأضاف: «نظرًا لضآلة هامش الأصوات التشريعية، فإن ذلك سيكون كافياً ليكون بمثابة صوت حاسم في القوانين المثيرة للجدل، مما يضمن أنها تخدم إرادة الشعب الحقيقية.»
نفوذ مالي هائل
تأتي هذه المبادرة من ماسك، أغنى رجل في العالم، في وقت حساس سياسياً، إذ يمكن لثروته الضخمة، المقدّرة بأكثر من 220 مليار دولار، أن تُحدث تحوّلاً كبيراً في موازين القوى داخل الكونغرس إذا تحرك فعلياً لدعم مرشحين مستقلين أو تأسيس حزب جديد.
وكان ماسك قد لعب دوراً مالياً بارزاً في انتخابات سابقة، إذ ساهم في تمويل حملة إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب. لكن علاقتهما شهدت تراجعاً في الفترة الأخيرة، لا سيما بعدما بات ماسك من أشد المنتقدين لسياسات ترامب الاقتصادية، وخاصة للتشريع الذي وقعه ترامب مؤخراً، والذي اعتبره ماسك «غير مسؤول مالياً» ويضر بقدرة أمريكا التنافسية عالمياً.
موقف غامض حتى الآن
رغم الضجة التي أثارها الإعلان، إلا أن ماسك لم يذكر أي تفاصيل حول المرشحين الذين قد يدعمهم حزبه المستقبلي، ولا الولايات أو الدوائر التي قد يركز عليها. كذلك لم يوضح ماسك ما إذا كان مستعداً لترشيح نفسه أو تمويل حملات انتخابية بمبالغ محددة، ما دفع مراقبين سياسيين إلى وصف مبادرته بأنها «مجرد فكرة عائمة» في الوقت الراهن.
وقال دان بريماك، المحرر في موقع أكسيوس، إن إعلان ماسك يمثل «بالون اختبار» لاستطلاع الرأي العام ومعرفة مدى تقبّل الناخبين لفكرة كسر احتكار الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وأضاف بريماك: «إذا شعر ماسك بوجود تأييد شعبي حقيقي، فلا شيء يمنعه من المضي قدمًا، خصوصًا وأنه يمتلك الوسائل المالية والمنصات الرقمية التي تمكنه من خوض معركة سياسية غير تقليدية.»
المشهد السياسي على صفيح ساخن
يأتي طرح ماسك لفكرة حزبه الجديد في وقت يشهد استقطاباً سياسياً متزايداً داخل الولايات المتحدة، خاصة مع احتدام المنافسة بين ترامب والديمقراطيين، ووسط استياء شعبي من الجمود التشريعي والانقسامات العميقة في الكونغرس.
ويرى محللون أن مبادرة ماسك قد تكون لها آثار بعيدة المدى حتى لو لم تتحول إلى واقع على المدى القريب، لأنها تسلط الضوء على حالة التململ الشعبي من نظام الحزبين، ورغبة شريحة واسعة من الناخبين في إيجاد بدائل سياسية تمثلهم بعيداً عن الاصطفافات التقليدية.
وقال أحد المحللين السياسيين في واشنطن لموقع أكسيوس: «ماسك يعرف كيف يجذب الانتباه، لكن ترجمة هذه الفكرة إلى واقع سياسي يتطلب عملاً تنظيمياً ضخماً، وقواعد حزبية على الأرض، وتحالفات محلية. هذا ما لم يُظهره حتى الآن.»
ماذا بعد؟
حتى اللحظة، تبقى مبادرة «حزب أمريكا» مجرد فكرة مطروحة على منصة X. لكن مراقبين لا يستبعدون أن يُحوّل ماسك هذه الفكرة إلى مشروع حقيقي إذا لمس حماساً شعبياً قوياً لها، خصوصاً وأنه يملك القدرة على تمويل الحملات الانتخابية وإحداث اختراقات في دوائر انتخابية حساسة قد تقرر موازين القوى في الكونغرس المقبل.
وفي بلد اعتاد على هيمنة الحزبين الجمهوري والديمقراطي منذ أكثر من 150 عاماً، قد تكون محاولة ماسك أحدث فصول تحدي هذا التقليد الراسخ — حتى لو ظلت حتى الآن مجرد تغريدة.