خبير يكتب لابن سلمان: إنهاء حرب اليمن والتراجع عن التطبيع سبيلك لكسب الشعوب

عمان – رويترد عربي| نشر خبير الدراسات المستقبلية وليد عبد الحي مقالًا بعنوان: “النداء الثالث لسمو ولي العهد السعودي المحترم” يناشد فيه الأمير محمد بن سلمان بإنهاء الحرب في اليمن.

وسبق وأن وجه عبدالحي النداء الأول في سبتمبر 2019 والثاني بيناير 2022 يتلخص فيما دعوتكم له من أن الحكمة السياسية في الظرف الدولي الراهن بإنهاء حرب اليمن.

وعلل ذلك بأنه “لن يتمكن ولي العهد من تنفيذ الوعد الذي قطعه بأن هذه الحرب لن تستغرق الا أسابيع قليلة وها نحن نتجاوز الأسابيع بعد الاربعمائة”.

وفيما يلي نص المقال|

سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الاكرم :
اخاطبك للمرة الثالثة من منطلق التعبير عما يجول في خاطر مواطن عربي قادم من الصفوف الخلفية كما أشرت لك في ندائي الأول والثاني، وللتذكير سمو الأمير، كان موضوعي في النداء الأول في سبتمبر 2019 والثاني في يناير 2022 يتلخص فيما دعوتكم له من أن الحكمة السياسية في الظرف الدولي الراهن تقتضي انهاء الحرب في اليمن لأنكم لن تتمكنوا من تنفيذ الوعد الذي قطعتموه بأن هذه الحرب لن تستغرق الا أسابيع قليلة وها نحن نتجاوز الأسابيع بعد الاربعمائة.
ان قراركم بالتوجه نحو انهاء الحرب –وإن جاء متأخرا جدا – هو قرار يستحق التقدير كله ، واستدارتكم نحو الشرق القريب –ايران- والشرق البعيد –الصين والذي اشرت لكم عليه وناشدتكم التوجه له في ندائي الاول والثاني ينم عن تحول استراتيجي يحتاج منكم لمزيد من الروية والبصيرة، وحيث أنكم تُعدون لعقد قمة عربية في 19 مايو القادم، تسعون فيها للم الشمل العربي واعادة العلاقات مع سوريا تتكامل الرؤية الاستراتيجية رغم بعض ” النزق القطري من التوجه العربي وإياكم نحو سوريا”.
سمو الامير المحترم
ما أود الإشارة له في هذا النداء الثالث هو المستقبل المباشر والقريب والمتوسط، فبحكم تخصصي في الدراسات المستقبلية في العلاقات الدولية، وبحكم ثقتي بالنسبة العالية التي حققتها في تنبؤاتي في هذا المجال ، اود أن أضيئ على بعض النقاط ذات الطابع المستقبلي:
1- تعرف سمو الامير المبجل أن الاصابع الاميركية مندسة في أغلب مفاصل الدولة السعودية بخاصة في اجهزتها الخشنة (من جيش وحرس وطني ومخابرات مدنية وعسكرية) ومندسة في بعض خيوط العلاقة مع الذراع الدبلوماسي في العديد من وزاراتكم وقطاعكم الاقتصادي العام والخاص ، وهو ما قد ينطوي على مخاطرة أراها عالية للغاية من أن تعمل الولايات المتحدة على تغيير قسري في بنية السلطة السعودية إذا استشعرت أن توجهكم هو توجه استراتيجي لا تكيف تكتيكي بخاصة مع الانطباع الذي روجه كتاب امريكيون عن سموكم بانكم تكررون كثيرا عبارة ” ان قدوتك هو ميكيافيللي” كما ورد في كتاب” Blood and Oil ” لصديقيك برادلي هوب و وجوستين شيك ، ناهيك عن اوصاف اخرى لشخصكم الكريم وتحليلات لا شك أنك اطلعت عليها .
ما سبق يجعلني قلق لأنهم سيكيدون لك كيدا عظيما، فعندما نَفى المرحوم الملك فيصل أي حق لليهود في فلسطين واعتبر الاقصى اهم من النفط حصل ما حصل وذهب الملك ضحية ذلك، ولعل سموك اقرب لتفاصيل ما يجري مع عمران خان في الباكستان لأنه قال انهم ليسوا عبيدا للولايات المتحدة، وقبله ما جرى مع ايمانويل نورييغا في بنما في مطلع تسعينات القرن الماضي، او ما جرى مع اوغستو بينوشيه في التشيلي والذي قدم خدمات كبرى للولايات المتحدة ثم انتهى كمطارد هنا وهناك ، ويكفي ان اكرر لسموك ما قاله آخر رئيس وزراء لفييتنام الجنوبية ” فان ثيو” وهو يصعد درج الطائرة للفرار من الثوار” كم هو غباء أن تثق في الولايات المتحدة”…وغير ذلك كثير.
بالمقابل ،فإن النكوص عن الاستدارة شرقا سيعزز صورة التبعية للولايات المتحدة وستبدو كل التحركات بأنها “معدة مسبقا في دوائر الظلام الامريكي” من ناحية ، والذهاب بعيدا في الاستدارة شرقا يستدعي خطوات جريئة ومدروسة وعقلانية ولا تنطوي على اية خطوة انفعالية من ناحية ثانية ، ولعل سنام ذلك هو المساهمة في “عقلنة الدبلوماسية والسياسة العربية” وبناء جُدر حول المملكة تتمثل في جعل الاستدارة شرقا خليجية تامة ، وبناء شبكة روابط سياسية واقتصادية بل وفي مرحلة لاحقة عسكرية مع بقية الدول العربية مستفيدا من الوزن الاقتصادي والمعنوي لمملكتكم ، وجدار ثالث هو طمأنة القوى الدولية بخاصة روسيا والصين وايران بان التحول استراتيجي لا تكتيكي ، وأنك تستثمر التراجع الامريكي دوليا ، وتراجع المكانة الاستراتيجية نسبيا لمنطقتنا في منظور الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة، وهو ما نبهت أنا له منذ عام 1996 في دراسة منشورة في مجلة السياسة الدولية، وان طمأنه القوى الدولية الصاعدة تستوجب الانخراط في الاطر التنظيمية الدولية كالبريكس وشنغهاي…الخ.
2- إذا اردت سمو الامير ان تتعزز مكانتك في الشارع العربي وبين النخب المثقفة العربية ، فإنني ارى ان الموقف من اسرائيل هو الركيزة المركزية لاستقطاب التاييد من كل الحركات السياسية العربية يسارية او دينية او قومية أو مستقلة ، ولا شك ان سموك تطلع على استطلاعات الرأي العربي والتي يجريها عرب وغربيون، فالشارع العربي يعارض التطبيع واي علاقة مع اسرائيل بنسب لا تقل في اية دولة عربية عن 80%، ومن المؤكد أن المجتمع السعودي وبعد قدر من تفكيك القيود عنه سيلتصق بك أكثر وتشتد مساندته لك، فالمجتمع السعودي لا يشذ عن التوجهات العامة للشارع العربي لانه جزء اصيل منه، ان الغمز واللمز واحيانا النص الصريح والمباشر عن علاقات مع اسرائيل وسماح لطيرانها بعبور اجوائكم مضافا له ما يشاع هنا وهناك صدقا او كذبا سيبني جدارا بينك وبين الشارع السعودي والشارع العربي’ ولك ان تسمح باجراء استطلاع في مجتمعك وتتحرى مدى الدقة فيما اقول، فكسب وجدان الشارع العربي يحتاج لتناغم ايقاع توجهاتك السياسية مع ايقاع وجدان الشارع وبعقلانية تامة، والعلاقة مع اسرائيل تُفسد كل ذلك.
3- صاحب السمو الموقر: ان الانفتاح الجاد يستوجب السماح للمجتمع المدني بالتعبير عن نفسه، فالاحزاب والنقابات هي التي تملا الفراغ في مجتمع يتجه تدريجيا نحو الحداثة والمعاصرة، وستجد ان هذه القوى على اختلاف مشاربها وتوجهاتها ستقف الى جانبك بمقدار ما تستشعر منك نزوعا جادا للتغيير البنيوي نحو افق سياسي اوسع.
سمو الامير المحترم:
لقد انتقدت سياساتك في السابق، لا من باب “النزق ” بل من باب الحرص على بلدكم المقدس ومكانته وطهره، ” وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسامُ”، وفقك الله في استدارتك نحو الشرق، وفي لجم التغلغل اليهودي في المجتمع العربي، فكل التطبيع والمعاهدات العربية مع اسرائيل لم تساهم في اي تطور عربي منذ ثلاث واربعين سنة، فهل لأحد ان يدلك على تغير ايجابي له دلالة في المجتمع العربي بعد التطبيع مع اسرائيل؟ بل ان الانفاق العسكري بعد السلام فاق الانفاق خلال الحرب، فهل هذا معقول يا سمو الأمير الكريم.
أخيرا، أعلم ان الصفوف الخلفية قلما سُمع نداؤها، لكنها كثيرا ما كانت أخلص للصفوف الامامية في حرصها على اوطانها، فاستمع لهمس شارعك العربي ، وعقلن السياسة بالخبراء الخُلَص من مجتمعك السعودي وهم كُثر…وفقك الله لما فيه كل خير لامتك وشعبك، مع كل الشكر والتقدير.

https://www.facebook.com/walid.abdulhay/posts/pfbid0y6HVjC8cGZfznyQqvA2xh1gjAgySYUL6AbBfMbkYy6BxUTZtY6E5LGDabBq6iMQWl

قد يعجبك ايضا