دمشق تضغط على بيروت للإفراج عن سجناء سوريين وسط تحذيرات من تصعيد حدودي

تتصاعد التوترات بين سوريا ولبنان مع مطالبة دمشق غير الرسمية بيروت بتسليم آلاف السجناء السوريين المحتجزين في السجون اللبنانية، بينهم مدانون بتهم الإرهاب، وسط تحذيرات من احتمال تصعيد أمني على الحدود بين البلدين.

وقالت مصادر أمنية لبنانية لصحيفة “ذا ناشيونال” إن السلطات السورية أرسلت رسائل متعددة عبر قنوات دبلوماسية تحث لبنان على الإفراج عن ما يُقدر بين 2000 و3000 معتقل سوري، من بينهم مئات الإسلاميين المدانين بمختلف التهم، أبرزها التورط في أنشطة إرهابية.

وأوضحت المصادر أن دمشق لم تُصدر تحذيرات رسمية مباشرة، لكنها أبلغت المسؤولين اللبنانيين بشكل غير رسمي بأن عدم الاستجابة لهذه المطالب قد يترتب عليه إغلاق الحدود بين البلدين، وتعليق عمل اللجنة الأمنية المشتركة التي تنسق قضايا الأمن الحدودي. وقال أحد المصادر الأمنية: “دمشق تسعى لاستعادة مواطنيها المحتجزين، وتضع بيروت أمام خيارين: التعاون أو تحمل تداعيات أمنية واقتصادية خطيرة”.

من جهتها، أكدت مصادر لبنانية أن بيروت لا تعارض مبدأ الإفراج عن المعتقلين السوريين، بمن فيهم الإسلاميون، لكنها تؤكد أن الأمر يحتاج وقتًا بسبب الإشكاليات القانونية والإجرائية. وأشار مصدر حكومي رفيع إلى أن “السلطات اللبنانية تسعى لتخفيف الاكتظاظ في السجون، لكنها لا تسمح بالإفراج عن من ارتكبوا جرائم خطيرة، لا سيما أولئك الذين تورطوا في سفك دماء لبنانيين”.

وفي الأيام الأخيرة، شهدت المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا احتجاجات من قبل مجموعات سورية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، معتبرين احتجازهم “غير عادل”. وتحذر مصادر لبنانية من أن أي خطوة لإغلاق الحدود من شأنها أن تشكل ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني الهش، وتعطل حركة التجارة والتنقل بين البلدين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.

يزيد من قلق بيروت أن مطالب دمشق قد لا تقتصر على المعتقلين السوريين فقط، حيث تشير تقارير أمنية إلى خشية متزايدة من أن السلطات السورية، التي تسيطر عليها فعليًا هيئة تحرير الشام (الجماعة المرتبطة سابقًا بتنظيم القاعدة)، قد تطالب في مرحلة لاحقة بالإفراج عن معتقلين لبنانيين إسلاميين.

وهؤلاء المعتقلون اللبنانيون متهمون بممارسة نشاطات إرهابية عبر الحدود، وتنفيذ هجمات ضد الجيش اللبناني، بالإضافة إلى صلات مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ويعتبر هؤلاء مصدر قلق أمني بالغ لبيروت، التي تواجه ضغوطًا داخلية لنزع سلاح حزب الله، أبرز المجموعات العسكرية المسلحة في البلاد.

وفي ظل هذه التوترات، يزداد الخوف اللبناني من احتمال وقوع هجمات إرهابية داخل البلاد، خاصة في أعقاب تفجير كنيسة شهدته سوريا في يونيو 2025، ما أثار مخاوف من تصعيد أمني متبادل.

وأعلنت المديرية العامة للأمن العام اللبناني، في الأسابيع الماضية، عن ضبط خلية “إرهابية” تتألف أغلب أفرادها من سوريين في بيروت كانت تخطط لتنفيذ هجمات في العاصمة اللبنانية، في إشارة إلى تحديات الأمن الداخلي التي تواجهها البلاد.

يواجه لبنان وسوريا تحديات مشتركة تشمل وجود نحو مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان، الذي يستضيف أحد أكبر تجمعات اللاجئين في العالم. تحاول السلطات اللبنانية إيجاد حلول شاملة لعودة اللاجئين في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة.

بالإضافة إلى ذلك، توجد مشكلات مستمرة متعلقة بأمن الحدود، تشمل تهريب المخدرات والبضائع والأسلحة، ما يزيد من تعقيد العلاقة بين البلدين، ويهدد الاستقرار الإقليمي.

في ظل هذه الظروف، تبدو العلاقة بين دمشق وبيروت على شفا أزمة جديدة قد تؤثر على استقرار الحدود والتعاون الأمني، ما يستدعي تدخلًا دبلوماسيًا عاجلاً لمنع تفاقم التوترات وحماية مصالح البلدين والمنطقة بشكل عام.

قد يعجبك ايضا