زيارة بوتين المرتقبة تُشعل انتقادات أوروبية: كييف تقترح لاهاي بدلًا من بودابست
قبيل اجتماع وزراء دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، فجّرت خطط عقد محادثات عالية المخاطر بمشاركة فلاديمير بوتين على الأراضي المجرية سجالًا حادًا حول مشروعية الدعوة ومساراتها اللوجستية والقانونية.
وتعد الزيارة—إن تمت—الأولى لبوتين إلى دولة عضو في الاتحاد منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وقال وزير الخارجية الليتواني كيستوتيس بودريس إن السماح لبوتين بعبور الأجواء الأوروبية “غير متصوَّر”، مضيفًا: “لا مكان لمجرمي الحرب في أوروبا… مكان بوتين هو لاهاي أمام المحكمة”.
وفيما سُئل عن احتمال إغضاب واشنطن إذا عارضت دول أوروبية القمة التي يُشاع أن البيت الأبيض يدفع نحوها، اكتفى بالقول إن “هناك بدائل” لاستضافة أي لقاءات إن كانت ضرورية.
كييف: بودابست ليست المكان
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انفتاح بلاده على “أي صيغة فعّالة” للمحادثات، لكنه شكّك في ملاءمة بودابست، قائلًا إن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان “يعرقل أوكرانيا في كل مكان”.
وطرح زيلينسكي خيارات مضيفة أخرى بينها سويسرا والنمسا والفاتيكان والسعودية وقطر وتركيا، في إشارة إلى البحث عن منصة محايدة أو وسيطة تحظى بقبولٍ أوسع.
وقد سعى أوربان إلى توثيق علاقته بكلٍّ من بوتين وترامب، وأبدى حماسًا لاستضافة القمة. هذا التموضع يزيد حساسية الخطوة داخل الاتحاد، في ظل خلافات ممتدة بين بودابست وبروكسل حول ملفات أوكرانيا والطاقة وسيادة القانون.
ورغم أن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس وصفت فكرة زيارة بوتين بأنها “غير لطيفة”، فإنها لمّحت إلى أن الضغوط الأميركية قد تسهّل جلوس موسكو إلى الطاولة.
قيود الطيران وأوامر الاعتقال
إحدى أكثر العقد حدّة تتعلق بالقيود المفروضة على تحليق المسؤولين الروس فوق القارة.
ولوّحت المفوضية الأوروبية بإمكانية تيسير استثنائي محدود لمرور الوفد الروسي إذا كان ذلك ضروريًا لبدء المحادثات، ما يثير بدوره نقاشًا قانونيًا وأخلاقيًا واسعًا، نظرًا لأن بوتين مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب.
وبين ضرورة “فتح نافذة تفاوض”، واحترام أوامر التوقيف الدولية، يجد الاتحاد نفسه أمام اختبار توازن معقّد.
موقف العواصم: وقف النار أم مناورة؟
ربطت فرنسا أي معنى للمحادثات بتحقيق “وقف فوري لإطلاق النار”. في المقابل، تتردد تسريبات بأن واشنطن تطرح صيغة لتجميد القتال على “خط التماس” الراهن، ما يوحي بتركيز على وقف النار قبل ترسيم سياسي شامل—طرح يثير حساسية في كييف التي ترفض منح موسكو مكاسب أمرٍ واقع.
وبالنسبة للداعين إلى القمة، قد تشكّل المشاركة الروسية—ولو رمزيًا—مدخلًا لتثبيت تهدئة على الأرض وتخفيف المخاطر على البنية التحتية الأوكرانية التي تتعرض لضربات متكررة.
أما المنتقدون، فيخشون إضفاء شرعية على زعيمٍ مطلوب للعدالة الدولية، وخلق سابقة تتعارض مع منظومة العقوبات والقيود المفروضة بعد 2022.