شركات التكنولوجيا العملاقة تزيد إنفاقها مع بدء الذكاء الاصطناعي في تقديم النتائج

في تحول واضح من الوعود إلى الإنجاز، بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى أخيرًا في جني ثمار استثماراتها الهائلة في الذكاء الاصطناعي، محققة إيرادات ملموسة. لكن هذه الإيرادات، رغم كونها إيجابية، تأتي في وقت تضخ فيه هذه الشركات مبالغ غير مسبوقة في مراكز البيانات وقوة الحوسبة، ما يعكس إيمانها بأن الطفرة الحقيقية للذكاء الاصطناعي لم تبدأ بعد.

طفرة إيرادات… لكنها لا تكفي
حققت شركات مثل مايكروسوفت وجوجل وميتا أرباحًا قوية في الربع الأخير، مدعومة جزئيًا بقدرات الذكاء الاصطناعي التي بدأت في تحويل نماذج أعمالها.

مايكروسوفت، على سبيل المثال، أعلنت عن نفقات رأسمالية ضخمة بلغت 30 مليار دولار في ربع واحد فقط، معظمها مخصص لمشاريع الذكاء الاصطناعي.

ميتا بدورها واصلت تعزيز إنفاقها على الحوسبة المتقدمة، إضافة إلى التنافس على جذب أفضل المواهب من خلال عروض رواتب مذهلة لمهندسي الذكاء الاصطناعي.

أما آبل، فرغم تحقيقها ربعًا قويًا مدفوعًا بمبيعات آيفون، فإنها واجهت انتقادات بشأن بطء طرح ميزات الذكاء الاصطناعي التي وعدت بها سابقًا.

ورغم هذا الزخم، فإن المستثمرين أظهروا نفادًا محدودًا في الصبر، كما ظهر في تراجع سهم أمازون بعد إعلانها عن توجيه مستقبلي “متحفظ”، حتى وإن لم يرتبط مباشرة بإنفاقها على الذكاء الاصطناعي.

سباق استثماري محموم
تشير الأرقام إلى أن شركات التكنولوجيا العملاقة أنفقت مجتمعة حوالي 245 مليار دولار على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي العام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع هذه القيمة إلى 320 مليار دولار خلال 2025، وفقًا لتقديرات فاينانشال تايمز.

الاستثمارات تتركز أساسًا في مراكز البيانات العملاقة، ومعالجات الرسومات الفائقة، والأنظمة السحابية.

Nvidia، التي تزوّد معظم الشركات بهذه المعالجات، أصبحت أول شركة تتجاوز قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار.

OpenAI، من جهتها، تُحقق الآن إيرادات شهرية تُقارب مليار دولار، مقارنة بـ500 مليون دولار في بداية العام، بحسب تقرير The Information.

كما أعلنت OpenAI عن توسعها في أوروبا بمشروع Stargate Norway، ضمن سلسلة من مراكز البيانات المتقدمة التي تستهدف تعزيز القدرات الحاسوبية للنماذج اللغوية العملاقة.

إنفاق يتجاوز العائد
رغم أن الذكاء الاصطناعي أصبح محركًا حقيقيًا للإيرادات، إلا أن الإنفاق ينمو بوتيرة أسرع من العائد. وهذا يثير تساؤلات جوهرية لدى المستثمرين حول متى سيبدأ الذكاء الاصطناعي في إنتاج أرباح صافية مستدامة؟

وقال المحلل المخضرم جين مونستر هذا الأسبوع: “كان الربع المالي الضخم لشركة ميتا خير مثال حتى الآن على التأثير الملموس للذكاء الاصطناعي على نمو الإيرادات والأرباح على نطاق واسع. يمكننا الآن حسم مسألة عائد الاستثمار للذكاء الاصطناعي”.

مع ذلك، يظل هناك قلق من أن السباق على الريادة قد يقود الشركات إلى إنفاق مبالغ مفرطة دون ضمانات كافية للعائد طويل الأجل، خاصة مع المنافسة الشرسة وظهور نماذج مفتوحة المصدر تلعب دورًا في خفض تكلفة الابتكار.

ماذا يعني ذلك للسوق؟
بالنسبة للمستثمرين، فإن الرسالة واضحة: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد حُلم تقني، بل واقع تجاري بدأ يُحدث تحولًا. لكن في الوقت ذاته، عليهم أن يتوقعوا مزيدًا من التكاليف على المدى القريب.

بالنسبة للأسواق الناشئة والمنافسين الصاعدين، فإن الإنفاق الضخم من عمالقة التكنولوجيا قد يمثل عائقًا للدخول، لكنه يفتح أيضًا فرصًا جديدة في المجالات التي تتطلب تكاملًا مع البنية التحتية المتقدمة أو نماذج ذكاء صناعي أقل تكلفة وأكثر تخصيصًا.

وطفرة الذكاء الاصطناعي بدأت بالفعل في توليد إيرادات حقيقية، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة الاستدامة المالية الكاملة.
الإنفاق الاستثماري مستمر بوتيرة غير مسبوقة، مدفوعًا بإيمان الشركات بأن من يملك البنية التحتية الآن، سيملك السوق لاحقًا.

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: من سيتحول من مجرد مُنفق على الذكاء الاصطناعي إلى مُنتج للربح المستدام من خلاله؟ المستثمرون ينتظرون الجواب… والشركات تسابق الزمن لصناعته.

قد يعجبك ايضا