صفقات ترامب التجارية في جنوب شرق آسيا تواجه عقبات
تواجه الصفقات التجارية التي خطط لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جنوب شرق آسيا في ظل حرب تجارية مستمرة مع الصين عقبات ومن غير المرجح أن يعلن عن أي تقدم ملموس بشأنها.
وفي يوليو/تموز، روّج ترامب لاتفاقيات تجارية مع فيتنام وإندونيسيا والفلبين، التي تعد من أكبر اقتصادات المنطقة، ساعيًا لتأمين أكبر عدد ممكن من الصفقات قبل موعد فرض رسوم جمركية جديدة.
لكن، باستثناء منشورات احتفالية على مواقع التواصل الاجتماعي وورقة حقائق جزئية حول الاتفاقية الإندونيسية، لم تُقدم الإدارة أي تفاصيل ملموسة بشأن شروط خفض الرسوم الجمركية، ونفت الدول الثلاث بعض الادعاءات الأمريكية المتعلقة بالموافقة على الشروط.
استمرار المفاوضات مع بعض الدول
أكدت ثلاثة مصادر مطلعة أن ترامب مستعد للإعلان عن صفقات أولية جديدة مع كمبوديا وماليزيا، لكن المفاوضات مع فيتنام وإندونيسيا والفلبين لا تزال جارية، ولم تحقق تقدّمًا يذكر.
ويُظهر هذا الموقف هشاشة الاتفاقيات المعلنة هذا الصيف، والتي لم تعالج القضايا الخلافية، خاصة المتعلقة باستخدام الصين لدول المنطقة كوسيلة للتهرب من الرسوم الجمركية الأمريكية.
ووفقًا لدانيال كريتنبرينك، السفير الأمريكي السابق لدى فيتنام، فإن هذه الملفات “معقدة جدًا”، حيث يمكن الاتفاق على معدل الرسوم الجمركية بسهولة، لكن صياغة خطة تنفيذية فعّالة تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين.
وتشمل أبرز القضايا منع الصين من التهرب من الرسوم الجمركية عبر تصدير منتجاتها إلى دول ثالثة لإعادة شحنها إلى الولايات المتحدة، وهو ما فرضت الإدارة بالفعل عليه رسومًا تصل إلى 40% على البضائع المعاد شحنها، وتسعى أيضًا إلى فرض قواعد منشأ جديدة لتقليص التهرب الصيني.
التحديات الإقليمية
أكدت دول جنوب شرق آسيا مرارًا أنها لا تريد الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن الاتفاقيات الأمريكية قد تضطرها لذلك، مما يضعها في “نيران الحرب التجارية” بين القوتين.
في فيتنام، على سبيل المثال، أدى الإعلان عن الاتفاق إلى احتجاج الحكومة بعد أن لاحظت أن الرسوم الجمركية ومعدلات إعادة الشحن كانت أعلى من المتوقع، مما أوقف قبول الاتفاقية رسميًا، وحوّل المفاوضات إلى مرحلة طويلة ومعقدة.
إضافة إلى ذلك، تعارض دول المنطقة إدراج أحكام “الأمن الاقتصادي” في الاتفاقيات، التي قد تلزمها بتقييد تصدير بعض السلع عالية التقنية للحد من الاستثمار الصيني.
وتشير هذه المقاومة إلى المخاطر السياسية التي تواجه الولايات المتحدة في المنطقة، خصوصًا بعد تحذيرات الصين لدول جنوب شرق آسيا هذا العام من التعاون معها ضد بكين.
بعض التقدم مع كمبوديا وماليزيا
من المتوقع أن تعلن الإدارة الأمريكية عن اتفاقيات أولية مع كمبوديا وماليزيا.
وقد أشار الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير إلى تحقيق تقدم ملموس مع كمبوديا في بناء علاقة تجارية أكثر عدالة وتبادلية، رغم أن التجارة الثنائية ما زالت صغيرة نسبيًا مقارنة بحجم صادرات الولايات المتحدة إلى بقية دول آسيا.
أما ماليزيا، أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، فقد أحرزت المحادثات معها تقدمًا، وقد تُعلن عن اتفاقية تجارية خلال زيارة ترامب إلى كوالالمبور.
ويُظهر هذا التركيز على ماليزيا وكمبوديا محاولة الإدارة الأمريكية لإيجاد انتصارات ملموسة يمكن الترويج لها، حتى مع الجمود في الاتفاقيات السابقة مع فيتنام وإندونيسيا والفلبين.
الأرقام الاقتصادية
بلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة ودول رابطة جنوب شرق آسيا نحو 475 مليار دولار عام 2024، مقابل 582 مليار دولار مع الصين.
وتمثل فيتنام وتايلاند وماليزيا وسنغافورة حوالي 80% من هذه التجارة، ما يعكس أهمية هذه الدول في أي استراتيجيات تجارية أمريكية مستقبلية في المنطقة.
وتسلط هذه التطورات الضوء على تعقيد السياسة التجارية الأمريكية في جنوب شرق آسيا، وسط صراع بين تعزيز العلاقات الاقتصادية وفرض الرسوم الجمركية على الصين، ومحاولة الضغط على الدول الإقليمية للالتزام بقواعد المنشأ الأمريكية.