دول غربية تتعهد بالاعتراف بدولة فلسطين: بيان مشترك يعتبر الخطوة أساسية لحل الدولتين
في تطور دبلوماسي لافت يعكس تنامي الضغوط الدولية لإنهاء الحرب في غزة وتفعيل حل الدولتين، أعلنت 15 دولة غربية – من بينها كندا وأستراليا ونيوزيلندا – عن استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين، في بيان مشترك صدر عن وزراء خارجيتها خلال مؤتمر أممي استضافته كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية.
وشملت قائمة الدول الموقعة على الإعلان كلًا من أندورا، مالطا، أيسلندا، البرتغال، سان مارينو، وفنلندا، إلى جانب دول سبق لها أن اعترفت رسميًا بفلسطين مثل إسبانيا وسلوفينيا وأيرلندا والنرويج، والتي استخدمت البيان لتجديد دعمها لحل الدولتين، و”التزامها بإعادة بناء غزة ضمن رؤية شاملة للسلام”.
اعتراف مشروط واستبعاد حماس
وجاء في البيان المشترك: “لقد اعترفنا بالفعل أو عبّرنا أو نعرب عن استعداد أو اعتبار إيجابي من جانب بلداننا للاعتراف بدولة فلسطين”، مؤكدين أن الاعتراف لا يأتي كتحرك رمزي، بل كجزء من “إطار سياسي شامل لحل الدولتين” ووقف العنف المتصاعد في الأراضي الفلسطينية.
كما شدد الوزراء على ضرورة صياغة هيكلية لليوم التالي في غزة، تتضمن نزع سلاح حماس واستبعادها من أي هيكل حكم فلسطيني مستقبلي، إلى جانب ضمان إعادة الإعمار، وتعزيز مؤسسات الحكم المدني الفلسطيني.
وإلى جانب دعوتهم للاعتراف بدولة فلسطين، حث الوزراء الدول التي لم تقم بعد بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل على اتخاذ خطوات نحو “الدمج الإقليمي”، مؤكدين استعدادهم للمساهمة في جهود التقارب والتهدئة.
بريطانيا: موقف مستقل وضغوط داخلية
وفي سياق متصل، صرّح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر صباح الثلاثاء بأن المملكة المتحدة ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، “ما لم تُنهِ إسرائيل الوضع المأساوي في غزة”.
ورغم هذا التصريح الحاسم، امتنعت بريطانيا عن توقيع البيان المشترك، في ما يبدو كمحاولة لحفظ هامش مناورة دبلوماسي، خاصة في ظل علاقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن محللين يرون في إعلان ستارمر تحولًا كبيرًا في السياسة الخارجية البريطانية، نتيجة ضغوط داخلية متزايدة من البرلمان والمجتمع المدني، وسط تنامي التعاطف مع المأساة الإنسانية في غزة.
دعم فرنسي متزايد
وفي السياق ذاته، جدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقف بلاده، قائلًا الأسبوع الماضي إن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين قريبًا، في ظل تصاعد عدد الضحايا المدنيين في غزة وتفاقم المجاعة في القطاع.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو من بين أبرز الموقعين على البيان المشترك، مشيدًا بانضمام لندن إلى ما وصفه بـ “الزخم السياسي الذي تقوده فرنسا”، والهادف إلى “كسر دائرة العنف المستمرة منذ عقود”.
الجمعية العامة في سبتمبر: محطة مفصلية
تتجه الأنظار الآن إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، والتي قد تشهد اعترافًا رسميًا من قوى غربية بدولة فلسطين، في خطوة من شأنها تعزيز مكانة فلسطين الدولية والضغط على إسرائيل للقبول بتسوية سياسية عادلة.
وقد أكد رئيس وزراء مالطا، روبرت أبيلا، أن بلاده ستنضم رسميًا للاعتراف خلال جلسات الجمعية العامة، معتبرًا ذلك “تعبيرًا عن التزام بلاده بسلام دائم في الشرق الأوسط”، بحسب منشور رسمي له على فيسبوك.
اعتراف ثقيل الوزن
رغم أن أكثر من 140 دولة حول العالم تعترف بفلسطين، إلا أن انضمام دول ذات ثقل سياسي كبير مثل بريطانيا وفرنسا – الدولتين النوويتين الدائمتين في مجلس الأمن – يمنح الاعتراف بعدًا جديدًا، ويزيد الضغط على الولايات المتحدة التي لا تزال تتحفظ على الاعتراف الكامل.
كما يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من ترتيبات إقليمية أوسع، تشمل تطبيع محتمل للعلاقات بين دول عربية وإسرائيل، شريطة إحراز تقدم حقيقي في المسار الفلسطيني، بحسب ما أكده مشاركون في المؤتمر الأممي.
بين الاعتراف والتحذير
ورغم الترحيب الفلسطيني الواسع بهذه التحركات، حذر مراقبون من أن الاعترافات الرمزية غير المرتبطة بإجراءات على الأرض قد تكون غير كافية، ما لم تقترن بوقف فعلي للعدوان على غزة، وضمانات دولية لحل الدولتين بآليات واضحة.
لكن في المقابل، اعتبر محللون أن البيان المشترك يمثل مؤشرًا قويًا على تبدل المزاج الغربي تجاه القضية الفلسطينية، خاصة مع تراجع الثقة في حكومة نتنياهو وتصاعد التنديد الدولي بسلوك الجيش الإسرائيلي في القطاع.