طموحات مارك زوكربيرج الضخمة في قيادة ثورة الذكاء الاصطناعي
يبدو أن مارك زوكربيرج، مؤسس شركة Meta (فيسبوك سابقًا)، لا يرضى بأن يكون مجرد لاعب ثانوي في سباق الذكاء الاصطناعي.
ففي ظل تزايد وتيرة المنافسة الحامية بين عمالقة التكنولوجيا، يسعى زوكربيرج إلى استعادة موقعه وقيادة مجال الذكاء الاصطناعي الفائق الذكاء، من خلال استثمارات ضخمة ومبادرات طموحة قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.
المشهد الراهن في مجال الذكاء الاصطناعي يشهد تسارعاً غير مسبوق. منافسون مثل OpenAI وAnthropic يطلقون تحديثات ونماذج جديدة تبشر بقفزات نوعية في القدرة الذهنية للأنظمة، وسط حديث سام ألتمان، رئيس OpenAI، عن “التفرد اللطيف” الذي يعني الوصول إلى ذكاء يفوق الذكاء البشري في عدد كبير من المجالات.
هذا التطور السريع يضع ضغوطاً كبيرة على شركة Meta، التي عانت من نكسات داخلية وانشقاقات في صفوف باحثيها، دفعتها إلى إعادة ترتيب أوراقها.
لذا، قرر زوكربيرج فتح خزائنه والتوجه نحو جذب أفضل الكفاءات في العالم. تخطط Meta لتوظيف فريق متميز يتكون من 50 باحثًا رفيع المستوى في مجال الذكاء الاصطناعي، بهدف دفع حدود التكنولوجيا إلى ما هو أبعد من الذكاء البشري.
وفقًا لمصادر لوكالة Axios، تعتزم الشركة استثمار ما يصل إلى 15 مليار دولار في محاولة للسيطرة على جزء كبير من شركة Scale AI، وهي شركة متخصصة في تصنيف البيانات وتعتمد على جهود بشرية لتحسين أنظمة الذكاء الاصطناعي.
هذه الخطوة الاستراتيجية تتضمن جلب الرئيس التنفيذي لشركة Scale AI، ألكسندر وانج، إلى صفوف Meta مع فريقه، ما يعكس رغبة زوكربيرج في الاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم لتعزيز جهود البحث والتطوير.
جدير بالذكر أن شركة Scale AI تلعب دورًا محورياً في توفير خدمات تصنيف البيانات لمجموعة من عمالقة التكنولوجيا، من بينهم Google، OpenAI، Anthropic، وMeta نفسها.
إلا أن طموحات Meta تواجه تحديات كبيرة. فقد عانت الشركة من صعوبات في تحسين أداء نماذجها الأخيرة من الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى رحيل باحثين كبار، على رأسهم جويل بينو، رئيسة أبحاث الذكاء الاصطناعي التي غادرت في أبريل الماضي.
ورغم ذلك، يبقى زوكربيرج مصرًا على المضي قدمًا، معتمدًا على قدراته المالية الضخمة وعلاقاته القوية لجذب المواهب المتميزة.
والنهج الذي تسير عليه Meta يعكس اتجاهًا متزايدًا في صناعة التكنولوجيا، حيث تعتمد الشركات الكبرى على صفقات جزئية لشراء أجزاء من شركات ناشئة مختصة بالذكاء الاصطناعي، بدلاً من الاستحواذ الكامل عليها. هذا النموذج يسمح بتأمين المواهب والملكية الفكرية مع إبقاء الشركات الناشئة قادرة على العمل بشكل مستقل.
في هذا السياق، شهد العام الماضي صفقات مماثلة من قبل شركات مثل مايكروسوفت التي أبرمت اتفاقًا مع شركة Inflection AI، ما مكّنها من جلب مؤسسها مصطفى سليمان وفريقه المميز، وجوجل التي دخلت في اتفاق مع Character.ai لاستقطاب مواهبها وتقنية الشركة، دون شراء كامل للشركات.
غير أن هذه الصفقات تواجه رقابة متزايدة من الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة وخارجها، التي تخشى أن تؤدي هذه الاستراتيجيات إلى تقليص المنافسة واحتكار التكنولوجيا المتقدمة.
ومع استمرار هذه الديناميات، يبدو أن مارك زوكربيرج يراهن على ضخ استثمارات هائلة في مراكز البيانات وقوة الحوسبة، جنبًا إلى جنب مع استقطاب أفضل العقول، من أجل دفع Meta نحو قيادة الذكاء الاصطناعي الفائق الذكاء.
وكما أشار سام ألتمان في مدونته الأخيرة: “لقد تجاوزنا أفق الحدث، وبدأت عملية الإقلاع”، مؤكداً أن الأنظمة الذكية تتقدم بسرعة كبيرة وتبدأ بالفعل في تعزيز إنتاجية البشر.
في النهاية، طموحات زوكربيرج في مجال الذكاء الاصطناعي تعكس رغبة عميقة في استعادة مكانة Meta كقوة تكنولوجية رائدة، متجاوزًا التحديات السابقة، ومنافسًا بقوة في سباق المستقبل الذي قد يعيد تشكيل العالم بأسره.
لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن الشركة من تحقيق هذه الطموحات الضخمة في مواجهة المنافسة الشرسة والضغوط التنظيمية المتزايدة؟ الأيام القادمة تحمل الإجابة.