ماسك يثير عاصفة سياسية في بريطانيا بدعوته لحلّ البرلمان خلال تجمع لليمين المتطرف
فجّر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك جدلًا واسعًا في المملكة المتحدة بعد ظهوره عبر رابط فيديو خلال مظاهرة ضخمة لليمين المتطرف في لندن، دعا فيها إلى حل البرلمان البريطاني وتشكيل حكومة جديدة، محذرًا من أن “العنف قادم” ومخاطبًا المشاركين بعبارة: “إما أن تقاوم أو تموت”.
وقد جاءت مداخلة ماسك في إطار مظاهرة “توحيد المملكة” التي نظّمها الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون (الاسم الحقيقي: ستيفن ياكسلي-لينون)، والتي اجتذبت بحسب صحيفة الغارديان أكثر من 110 آلاف شخص، لتكون واحدة من أكبر التظاهرات القومية في العقود الأخيرة.
أثناء خطابه، شنّ ماسك هجومًا على ما وصفه بـ”عقلية اليقظة” (woke mentality)، معتبرًا أنها تهدد مستقبل بريطانيا، ومضيفًا: “لا يمكننا الانتظار أربع سنوات أخرى حتى الانتخابات المقبلة، هذا وقت طويل جدًا. يجب حل البرلمان وإجراء تصويت جديد الآن”.
خلفية المواجهة مع الحكومة
تصريحات ماسك جاءت امتدادًا لتصعيد مستمر بينه وبين حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر، خاصة بعد خلافات حادة بشأن قانون السلامة على الإنترنت، الذي يرى ماسك أنه يفرض قيودًا خطيرة على حرية التعبير. كما هاجم تعامل الحكومة مع عصابات التهييج، متهمًا إياها بالازدواجية في تطبيق القانون ضد المتظاهرين اليمينيين مقارنة باليساريين.
وفي العام الماضي، أثار ماسك ضجة حين قال إن “الحرب الأهلية في بريطانيا حتمية” عقب أعمال شغب غذّتها شائعات كاذبة من جماعات يمينية متطرفة حول مسؤولية طالب لجوء مسلم عن جريمة طعن أطفال. تبيّن لاحقًا أن الجاني بريطاني المولد من عائلة مسيحية في كارديف.
تداعيات سياسية وأمنية
خطاب ماسك لاقى انتقادات شديدة من وزراء ومسؤولين بريطانيين. فقد وصف وزير الأعمال بيتر كايل تصريحاته بأنها “غير مفهومة وغير لائقة إطلاقًا”، مؤكدًا أن بريطانيا “لن تسمح للأصوات الخارجية بتأجيج الانقسام الداخلي”.
وفي الوقت نفسه، رأت أوساط سياسية أن كلمات ماسك قد تمنح اليمين المتطرف دفعة جديدة، خاصة مع تبنّي شخصيات مثل نايجل فاراج، زعيم حركة الإصلاح، لبعض اتهاماته ضد حكومة ستارمر بشأن “التحيز في إنفاذ القانون”.
ميدانيًا، شهدت المسيرة مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، حيث تم إلقاء زجاجات ومقذوفات على عناصر الأمن، وأعلنت شرطة لندن اعتقال 25 شخصًا.
دلالات أوسع
تصريحات ماسك تكشف عن تداخل خطير بين نفوذ رجال الأعمال العالميين والسياسات الداخلية الأوروبية، خاصة حين يتم توظيف منصات كبرى مثل X (تويتر سابقًا) كأداة لنشر خطاب يثير الانقسام. كما أنها تضع تساؤلات حول حدود التدخل الأجنبي في النقاش السياسي البريطاني، خصوصًا في ظل حساسية ملف الهجرة وصعود اليمين المتطرف.
وفيما تواصل حكومة ستارمر محاولتها احتواء تداعيات أكبر تجمع يميني متطرف منذ عقود، تبقى مداخلة ماسك بمثابة جرس إنذار سياسي. فالرجل الذي يقود كبريات شركات التكنولوجيا والفضاء أصبح أيضًا لاعبًا في معارك الهوية والسياسة في أوروبا. وبينما يعتبره أنصاره نصيرًا لحرية التعبير، يرى خصومه أنه يفتح الباب أمام الفوضى والتطرف.