محكمة فيدرالية أمريكية توقف رسوم ترامب الجمركية الشاملة وتعتبرها تجاوزًا للصلاحيات الرئاسية

أصدرت محكمة التجارة الدولية في مانهاتن حكمًا فدراليًا يمنع تنفيذ الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات من دول تعاني من عجز تجاري مع الولايات المتحدة، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل تجاوزًا للصلاحيات الرئاسية الممنوحة بموجب قانون سلطات الطوارئ.

الحكم الصادر يوم الأربعاء جاء في إطار قضية رفعها مركز العدالة الليبرالية غير الحزبي نيابة عن خمس شركات صغيرة تستورد بضائع من دول متضررة بهذه الرسوم الجمركية. واعتبرت المحكمة أن الدستور الأمريكي يمنح الكونجرس وحده السلطة الحصرية في تنظيم التجارة الخارجية، وهو ما لا يمكن للرئيس تجاوزه عبر إعلان حالة الطوارئ لتبرير فرض رسوم جمركية واسعة.

الرئيس ترامب كان قد أعلن أن العجز التجاري المتزايد للولايات المتحدة مع العديد من الدول يشكل “حالة طوارئ وطنية”، مستندًا إلى ذلك لفرض رسوم جمركية على واردات عدة دول، بينها كندا والصين والمكسيك، بهدف مواجهة ما وصفه بالتدفق غير الشرعي للمهاجرين وتهريب الأفيونيات الصناعية عبر الحدود. هذه السياسة أثارت قلقًا واسعًا في الأسواق العالمية ودفعت إلى سلسلة من التحديات القانونية.

الدعوى التي رفعها مركز العدالة الليبرالية استندت إلى أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية لعام 1977 لا يخول الرئيس استخدام هذه الصلاحيات لفرض رسوم جمركية كهذه. وأوضح المدعون أن العجز التجاري الأمريكي ليس حالة طوارئ “غير عادية واستثنائية” بالمعنى القانوني، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري مستمر مع العالم لمدة 49 عامًا متواصلة، ما ينفي الطابع الطارئ الذي يشترطه القانون.

هذا الحكم يعد أول انتصار قانوني بارز ضد سياسات ترامب الجمركية، التي تواجه أيضًا ست دعاوى أخرى مرفوعة من قبل ولايات أمريكية ومجموعات شركات صغيرة. ومن المتوقع أن تستأنف الإدارة السابقة هذا القرار، مما يمهد لمزيد من الجدل القانوني حول حدود صلاحيات الرئيس في مجال التجارة.

أشارت المحكمة إلى سابقة تاريخية حينما استخدم الرئيس ريتشارد نيكسون صلاحيات الطوارئ لفرض رسوم جمركية في عام 1971، لكنها شددت على أن هذه المسائل تبقى من نطاق السلطة التشريعية للكونجرس، وأن المحاكم ليس من صلاحيتها التدخل في “القرارات السياسية” التي تحدد مبررات إعلان حالة الطوارئ.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الحكم يسلط الضوء على الصراع الدائم بين السلطات التنفيذية والتشريعية حول نطاق السلطات الرئاسية، خاصة في ظل السياسات التجارية التي تؤثر بشكل مباشر على العلاقات الدولية والأسواق العالمية. ويأتي القرار في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تحديات كبيرة مرتبطة بسلاسل الإمداد العالمية والتوترات التجارية المتزايدة.

ويؤكد حكم محكمة مانهاتن على ضرورة احترام الإطار الدستوري للفصل بين السلطات، ويضع قيودًا مهمة على قدرة الرئيس على استخدام قانون الطوارئ لتبرير سياسات تجارية شاملة قد تؤثر على الاقتصاد الوطني وعلاقات الولايات المتحدة مع شركائها التجاريين.

قد يعجبك ايضا