مدن أميركية تواجه فيفا بشأن تكاليف استضافة كأس العالم

قبل أقل من عام على انطلاق كأس العالم 2026، الذي سيُقام لأول مرة في ثلاث دول (الولايات المتحدة، كندا، المكسيك)، بدأت الخلافات بين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والمدن الأميركية الـ11 المضيفة تطفو إلى السطح.

فبينما يحتفل البيت الأبيض بالبطولة كفرصة لإبراز مكانة الولايات المتحدة، يجد المسؤولون المحليون أنفسهم أمام معضلة مالية ثقيلة، إذ يواجهون تكاليف أمنية ولوجستية هائلة لا يغطيها الدعم الفيدرالي.

وقد وافق الكونغرس الأميركي على تخصيص 625 مليون دولار لتمويل الأمن على مستوى البلاد، لكن التكاليف الإضافية التي تتراوح بين 100 و150 مليون دولار لكل مدينة تبقى على عاتق السلطات المحلية. هذه النفقات تشمل النقل، الشرطة، والفعاليات المصاحبة.

ليزا جيلمور، عمدة سانتا كلارا (كاليفورنيا)، حيث ستُقام ست مباريات، وصفت الوضع قائلة: “هناك بعض الأموال التي تتدفق، لكنها بالتأكيد لا تكفي لتغطية تكاليفنا. إنها مهمة شاقة”.

ابتكارات لتمويل النقص
لجأت بعض المدن الأميركية إلى وسائل بديلة لتمويل البطولة:
هيوستن ودالاس: سحبتا عشرات الملايين من صندوق تعويضات الفعاليات الكبرى في تكساس.
مقاطعة واياندوت – كانساس: تدرس فرض ضريبة جديدة على الفنادق.
ماساتشوستس: طلبت حاكمة الولاية مورا هيلي ميزانية تكميلية بقيمة 20 مليون دولار بالتنسيق مع الفيفا.

لكن هذه الجهود لم تمنع مدنًا عدة من تقليص فعاليات “مهرجانات المشجعين”، التي تُعتبر سمة مميزة للبطولة، على عكس المدن الكندية والمكسيكية التي التزمت بها بالكامل.

صراع مع الفيفا: السيطرة على الأرباح والفعاليات
الخلاف الجوهري يكمن في النموذج المالي. فالفيفا يحتفظ بكل مصادر الدخل الكبرى: حقوق البث، الرعاية العالمية، ومبيعات التذاكر، والإعلانات داخل الملاعب.

في المقابل، تتحمل المدن المضيفة التكاليف الباهظة. هذا الخلل أدى إلى توترات واضحة، خاصة في كاليفورنيا، حيث رفضت الولاية تخصيص تمويل إضافي، ما دفع منظمي لوس أنجلوس إلى التفكير في تنظيم حفلات مشاهدة مستقلة عن الفيفا.

وقد رد الاتحاد الدولي بالتهديد بمنع تراخيص المشاهدة العامة إذا خرجت الفعاليات عن سيطرته.

وفي اجتماع عُقد مؤخرًا بين البيت الأبيض ومسؤولي اللجان المضيفة، أوضح أندرو جولياني، المدير التنفيذي لفريق عمل كأس العالم، أن دور الحكومة الفيدرالية يقتصر على الأمن فقط.

وقال: “من الواضح أن هذه قضية اقتصادية. لا يمكن لدافعي الضرائب تحمل تكلفة كل شيء”.

من كأس 1994 إلى 2026: نموذج مختلف
عام 1994، عندما استضافت الولايات المتحدة كأس العالم لأول مرة، تولت لجنة تنظيمية مركزية إدارة البطولة، وحققت فائضًا قدره 50 مليون دولار استُخدم لتطوير كرة القدم محليًا.

لكن في نسخة 2026، تم اختيار نموذج لامركزي، حيث تفاوضت كل مدينة على اتفاقية استضافة منفصلة مع الفيفا.

والنتيجة: تفاوت في الالتزامات، وضغوط مالية أكبر على السلطات المحلية، مقابل أرباح ضخمة يتوقع الفيفا أن تصل إلى 13 مليار دولار بين 2023 و2026.

قد يعجبك ايضا