مرصد حقوقي يدعو ألمانيا إلى وقف الإعتداءات على المهاجرين وضمان سلامتهم في البلاد
شهد الربع الأول من عام 2023 نحو 408 حالات اعتداء شخصي، بينها 350 على الأقل نُفذت بدوافع يمينية متطرفة.
أعرب المرصد الأورومتوسطي عن قلقه العميق تجاه الهجمات التي تستهدف المهاجرين وطالبي اللجوء في أكبر دولة أوروبية “ألمانيا” خلال العام الجاري، وأضاف أن جميع الاعتداءات التي نفذت كانت يمينية متطرفة ونُفذت بأساليب قاسية حسب وصف البيان.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الهجمات التي استهدفت طالبي اللجوء في ألمانيا خلال الأشهر الأولى من عام 2023 سجّلت ارتفاعًا مقارنة بنفس المدة من العام الماضي.
وسّجلت الربع الأول من عام 2023 نحو 408 حالات اعتداء شخصي، بينها 350 على الأقل نُفذت بدوافع يمينية متطرفة، بينما سجّلت المدة ذاتها من عام 2022 نحو 243 اعتداء، منها 223 نُفذت بدوافع يمينية متطرفة، ما يعني تضاعف عدد هذه الاعتداءات.
وذكر الأورومتوسطي في بيان صحافي الأربعاء، أنّ الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 شهدت 65 هجومًا على مراكز استقبال طالبي اللجوء، بما يساوي تقريبًا عدد الهجمات في عام 2021 بأكمله، بينما شهدت البلاد 45 هجومًا في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من العام الجاري، بحسب بيانات وزارة الداخلية الألمانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنّه من المهم وجود رواية صحيحة وصادقة حول موضوعات اللجوء والهجرة لمكافحة حملات التشويه التي يطلقها اليمين المتطرف لتأجيج المخاوف وكسب الأصوات في الانتخابات.
وأكّد أنّ المشكلة لا تنحصر فقط في سلامة طالبي اللجوء أو مراكز الاستقبال، بل تكمن أيضًا في تنامي الدعاية العنصرية التي تحرّض على العنف ورهاب الأجانب.
في أكتوبر/ تشرين أول عام 2022، احترقت ثلاثة ملاجئ للمهاجرين في مقاطعة “جروس سترومكيندورف” شمال ألمانيا بحريق في مركز استقبال تابع للصليب الأحمر. قبل الحادثة بأيام قليلة، رُسم رمز الصليب المعقوف (卍) أمام مدخل أحد المباني التي احترقت بالكامل.
وفي مدينة “باوتسن” شرق البلاد، نظّم الحزب اليميني المتطرف “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) مظاهرة احتجاجًا على إعادة فتح مركز لطالبي اللجوء، حيث قال أحد الممثلين الإقليميين للحزب إنهم يعتبرون أنه “من غير المقبول” إيواء طالبي اللجوء في فندق سابق، وينبغي عليهم بدلًا من ذلك السكن “في حاويات أقيمت في مجمعات تجارية”.
وبدأت الزيادة المقلقة في الهجمات في الأشهر الأخيرة من عام 2022، ووصلت حد الاعتداء على المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين أنفسهم وليس على أماكن إيواءهم فحسب.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ تنامي تلك الاعتداءات لا يحدث بالصدفة، إذ تُثير تصريحات اليمين السياسي حول اللجوء والهجرة حالة من عدم الرضا داخل المجتمع الألماني، مايوهم السكان أن بلادهم تستقبل عدداً هائلاً من طالبي اللجوء لدرجة عدم القدرة على استقبال أي شخص آخر، ويُمهّد هذا الخطاب الطريق لأعمال عنصرية وحشد معادي للأجانب، ولذلك من المرجّح حدوث هجمات أكثر عنفًا ضد المهاجرين وطالبي اللجوء.
وفي فبراير/شباط عام 2021، وضعت دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني تحت المراقبة الرسمية على خلفية الاشتباه باحتمالية ارتباطهم بالتطرف.
ولكن في الوقت الحاضر، أظهر استطلاع رسمي أن معدل القبول لحزب “البديل من أجل ألمانيا” وصل مستوى قياسي مرتفع بنسبة 17-19% على الصعيد الوطني، إذ قال غالبية الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع أن موقف الحزب الحاسم بشأن الهجرة كان السبب في تصويتهم له.
وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة في المرصد الأورومتوسطي “ميكيلا بولييزي” إنّ “الأحزاب اليمينية المتطرفة اكتسبت صيتًا ذائعًا في جميع أنحاء أوروبا بفضل سياساتها التقييدية المعادية للهجرة، واستغلال الموضوعات التي لا ينبغي أن تكون سياسية مثل الحق في اللجوء”.
وأضافت: “بشكل خبيث، يُصوّر السياسيون اليمينيون وصول اللاجئين وتوفير السلع الأساسية والملاجئ على أنها هدايا لطيفة وليست التزاماتٍ قانونية بهدف تأجيج التوتر واكتساب الشعبية”.
ولفتت إلى أنّه “من المرجّح أن يؤدي كلٌ من الرواية المشتركة والنظام السياساتي الذي يتعامل مع المهاجرين وطالبي اللجوء بصفتهم أشخاصًا غير مرغوب بهم ويجب التخلص منهم في أقرب وقت إلى توليد هذا النوع من العنف القائم على رهاب الأجانب داخل المجتمعات، ولكن إذا لم يتمتع الأشخاص الذين فروا من ديارهم بسبب الخوف والاضطهاد بالحماية والإيواء والرعاية المناسبة في ألمانيا خاصةً وأوروبا عامةً، فإن معنى اللجوء الأساسي قد فقد قيمته”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي ألمانيا إلى حماية سلامة طالبي اللجوء والمهاجرين واللاجئين بشكل شامل، ودعم وتمكين ضحايا هذه الاعتداءات من خلال تيسير وصولهم إلى العدالة وأنواع المساعدة الأخرى، وضمان سن وتطبيق القوانين التي تمنع هذه الاعتداءات العنيفة والوحشية، ورفع الوعي لدى عامة الناس بالخطر الذي يشكله اليمين المتطرف وخطابه المتحيز بشأن اللجوء والهجرة، فضلًا عن تعزيز الخطاب الصحيح والصادق حول هذه الموضوعات الحساسة ومقاضاة وإدانة التطرف اليميني الذي وصفه رئيس دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية بأنه أكبر تهديد للديمقراطية في ألمانيا.
وفي سياق متصل، يواجه عدد كبير من طالبي الحماية من بلدان اللجوء الرئيسية رفض طلباتهم على حدود ألمانيا. وتقول جماعات حقوقية إن هذه “مؤشرات تدل على أن الشرطة الاتحادية ترفض بشكل غير قانوني الأشخاص الذين يلتمسون الحماية”.
وقد تضمنت المعاهدات الدولية مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف للاجئين حماية طالبي اللجوء من الصد أو الرفض غير القانوني في المناطق الحدودية. وبمجرد أن يقدم الشخص طلب لجوء بعد دخول ألمانيا، لا يمكن إعادته إلى بلد مجاور دون إجراء رسمي ومراجعة ودراسة طلب لجوئه.
كما دعت المعاهدات إلى حماية المهاجرين وطالبي اللجوء في كل الدول التي تستقبل اللاجئين دون أي تمييز وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم والعمل على دمجهم في المجتمعات.
اقرأ أيضاً:
الأورومتوسطي: احتجاز مهاجرين في أوروبا بظروف غير إنسانية مقلق للغاية