ترامب يدرس حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا وسط توقف مثير للجدل في توريد الأسلحة
يفكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة مئات الملايين من الدولارات، بحسب مصادر مطلعة على الخطة، في أول دعم محتمل من إدارته لبلد محاصر يواصل مواجهة العدوان الروسي المستمر منذ أكثر من عامين.
يأتي هذا التطور بعد أسبوع واحد فقط من قرار مفاجئ أصدره البنتاغون بإيقاف جزء من حزمة مساعدات قائمة كانت تتضمن آلاف قذائف المدفعية والذخيرة الدقيقة التي كانت في طريقها إلى كييف. وفي تصريحات إعلامية، أكد ترامب أن المساعدات العسكرية لأوكرانيا ستُستأنف، معربًا عن عزمه على دعم أوكرانيا في مواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة.
تفاصيل الحزمة الجديدة ومصدر التمويل
تشير المصادر إلى أن الأموال المخصصة لهذه المساعدات ستأتي من صندوق أقره الكونغرس العام الماضي في عهد الرئيس السابق جو بايدن، ويُعرف باسم “السلطة الرئاسية لسحب القوات”، والذي يسمح لوزارة الدفاع بسحب أسلحة من مخزونات الجيش الأمريكي وتوجيهها لدعم أوكرانيا. ويبلغ إجمالي الأموال المتبقية في هذا الصندوق حوالي 3.8 مليار دولار.
وتأتي المساعدات في وقت تتصاعد فيه المعارك في أوكرانيا، مع مواجهات عنيفة على الأرض وهجمات روسية متكررة بالطائرات المسيرة والصواريخ التي أدت إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، فضلاً عن دمار واسع في البنية التحتية المدنية.
الانقسامات الداخلية في الإدارة الأمريكية
تعكس المناقشات الدائرة داخل الإدارة الأمريكية الانقسامات الحادة بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا، لا سيما مع استمرار الحرب في عامها الثالث. فقد أعرب ترامب عن إحباطه من رفض الكرملين التوسط لإنهاء الحرب، وألمح في مقابلة مع شبكة “إن بي سي نيوز” إلى “إعلان مهم” سيصدر قريبًا يتعلق بموقف بلاده من روسيا.
في الوقت نفسه، أوقفت وزارة الدفاع شحنات أسلحة نتيجة مخاوف بشأن استنزاف مخزونات الجيش الأمريكي، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية الأمريكية في مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط. وأشار مسؤولون في البنتاغون إلى أن حجم الشحنات التي تم إيقافها صغير نسبيًا مقارنة باحتياجات الجيش الأمريكي، وهو ما أثار جدلاً داخليًا حول توازن دعم أوكرانيا وبين الاحتياجات الوطنية.
جهود لتعزيز إنتاج الذخائر والتسليح
في سياق ذلك، استدعى نائب وزير الدفاع ستيفن فاينبرغ مسؤولين من شركات الدفاع الأمريكية إلى اجتماعات لمناقشة قضايا المخزون والإمدادات، حيث يعمل على دفع صناعة الدفاع لتسريع إنتاج الدفاعات الجوية والصواريخ والقذائف الدقيقة، وهو جزء من خطة أوسع لتحسين القدرات العسكرية الأمريكية واستمرارية دعم أوكرانيا.
كما يدرس فاينبرغ تقديم مقترح إلى الكونجرس لتأمين حزمة تمويل إضافية لتعزيز مخزون الذخائر وتلبية الطلبات العسكرية المتزايدة.
تعقيدات الصفقة ودور حلف الناتو
في الوقت نفسه، تعمل دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) على صفقة ضخمة لشراء أسلحة أمريكية لأوكرانيا، في مسعى لتوحيد الجهود العسكرية ودعم كييف بشكل أوسع. وأكد ترامب في المقابلة أن الولايات المتحدة ترسل أسلحة إلى حلف الناتو، مشيرًا إلى أن الحلفاء سيسددون تكلفة هذه الأسلحة بالكامل.
وكانت صحيفة “بوليتيكو” قد كشفت في وقت سابق أن أوكرانيا طلبت من واشنطن السماح لأوروبا بشراء الأسلحة الأمريكية مباشرة، وهو ما يعكس رغبة في تعزيز قدرات دفاعها من خلال مصادر متعددة.
خلفية حزمة المساعدات السابقة والتحديات الراهنة
تضمنت حزمة المساعدات التي توقفت هذا الشهر شحنات ضخمة من الأسلحة، بما في ذلك 30 صاروخ باتريوت للدفاع الجوي، ومئات الأسلحة الدقيقة التي تستخدمها أوكرانيا لأغراض هجومية ودفاعية، بالإضافة إلى آلاف القذائف والصواريخ الموجهة.
وبدأ نحو 8000 قذيفة هاوتزر عيار 155 ملم و250 صاروخًا موجهًا بنظام إطلاق الصواريخ المتعددة بالانتقال إلى أوكرانيا، إلا أن مصير صواريخ باتريوت وتوقيت وصولها ظل غير واضح، وسط تأكيدات بأن هناك تحديات لوجستية واحتياجات عسكرية متغيرة.
الوضع على الأرض في أوكرانيا
في الوقت الذي تشهد فيه كييف وحلفاؤها جهودًا دبلوماسية وعسكرية مكثفة لدعم الحرب، تعاني المدن الأوكرانية من أعنف قصف روسي بالطائرات المسيرة والصواريخ في الأشهر الأخيرة. أسفرت هذه الهجمات الليلية عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة العشرات، إضافة إلى أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
التحديات السياسية والإنسانية
تواجه الإدارة الأمريكية تحديات سياسية داخلية وخارجية في الموازنة بين دعم أوكرانيا وتحقيق استقرار مخزونات الأسلحة الخاصة بها، بينما يطالب البعض بتسريع الدعم العسكري لضمان تحقيق انتصارات استراتيجية ضد القوات الروسية.
ومع تزايد الحملة الروسية، يبقى مستقبل الحرب مفتوحًا، لكن الإعلان المرتقب عن حزمة المساعدات الجديدة قد يشكل نقطة تحول مهمة في مستوى الدعم الأمريكي لأوكرانيا.
ويظل موقف الولايات المتحدة حاسمًا في الصراع الأوكراني، وتُظهر هذه الخطوة المحتملة من قبل إدارة ترامب توجهًا لإعادة إحياء الدعم العسكري، في وقت تتصاعد فيه الحرب وتتصاعد المخاطر الإنسانية والسياسية على الساحة الدولية.