المملكة المتحدة تعلق إجراءات الخروج الجديدة من الاتحاد الأوروبي وسط مفاوضات على اتفاقية للمنتجات الزراعية
أعلنت الحكومة البريطانية عن تعليق تطبيق عمليات التفتيش الحدودية المخططة على واردات الفواكه والخضروات، في خطوة تأتي بالتزامن مع بدء مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاقية جديدة للصحة والصحة النباتية، تهدف إلى تبسيط الإجراءات وتقليل التكاليف المتعلقة بالاستيراد، وسط ارتفاع مستمر في أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية.
الخطوة المفاجئة التي كشفت عنها لندن اليوم الاثنين، جاءت كجزء من توجه حكومي جديد لتقليص البيروقراطية المرتبطة بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وخاصة في مجال المنتجات الغذائية الطازجة، وهي قطاع حساس يعتمد بشكل كبير على الواردات الأوروبية.
وكان من المقرر أن تبدأ عمليات التفتيش على ما يُعرف بالواردات “متوسطة المخاطر”، مثل الفواكه والخضراوات، في يوليو/تموز المقبل، بعد تأجيل سابق من حكومة حزب العمال لموعد كان محددًا في أكتوبر/تشرين الأول 2024. إلا أن هذا التطبيق تم تأجيله مجددًا إلى أجل غير مسمى، وسط محادثات يُعوَّل عليها لتوقيع اتفاق صحي يزيل الحاجة إلى هذه الفحوصات كليًا بحلول عام 2027.
وقالت وزيرة الأمن الحيوي، سوزان هايمان، في تصريحات رسمية إن الاتفاق الجاري التفاوض عليه “سيُسهم في تقليل تكلفة الغذاء، وتخفيف الأعباء البيروقراطية، وإلغاء الضوابط المرهقة على الحدود”، واصفة التفاهم مع بروكسل بأنه “شراكة طموحة ستُفضي إلى نتائج ملموسة لصالح العمال والمستهلكين”.
ورغم أن هذه الإجراءات تم تقديمها رسمياً ضمن خطة حكومة المحافظين السابقة، التي بدأت بتنفيذ الفحوصات على اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان منذ أبريل 2024، فإن المنتجات الطازجة ظلت خارج التطبيق المباشر حتى الآن. ويرى مراقبون أن هذا الاستثناء كان ضرورياً بسبب الطبيعة الحساسة لسلاسل التوريد، خاصة في ظل الاضطرابات اللوجستية التي رافقت عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
شخصيات بارزة في قطاع الزراعة والتوزيع رحبت بالقرار، واصفة إياه بأنه “تحرك منطقي طال انتظاره”. وقال نايجل جيني، الرئيس التنفيذي لاتحاد المنتجات الطازجة، إن قرار الإعفاء هو “إنجاز استراتيجي مهم”، مضيفاً أن “تأجيل الفحوصات أنقذ القطاع من تكاليف إضافية تُقدَّر بنحو 200 مليون جنيه إسترليني كانت ستؤدي بلا شك إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين”.
وأضاف جيني أن هذا “الإعفاء المحدد للقطاع جاء نتيجة جهود طويلة لحماية سلسلة الإمداد، بدءاً من الموردين الدوليين ووصولاً إلى آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات البيع بالجملة وخدمات الأغذية”، مشيراً إلى أن أي اتفاق دائم مع الاتحاد الأوروبي “سيعيد بعض الاستقرار الذي فقده القطاع منذ خروج بريطانيا من السوق الموحدة”.
يُذكر أن اتفاقية الصحة والصحة النباتية المرتقبة، في حال التوصل إليها، ستلزم المملكة المتحدة بتطبيق معايير الاتحاد الأوروبي في ما يخص الأغذية والمنتجات الزراعية والحيوانية، وهو ما قد يخفف من حدة الإجراءات الجمركية، ويمنح الشركات البريطانية نوعاً من اليقين على صعيد السياسات التجارية بعد سنوات من التذبذب.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشير فيه بيانات اقتصادية حديثة إلى انخفاض معدل التضخم العام في المملكة المتحدة، لكن أسعار المواد الغذائية لا تزال مرتفعة، مما يضغط على الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض. ويأمل صناع القرار أن تسهم هذه الإجراءات في تهدئة أسعار الأغذية مع دخول البلاد في مرحلة جديدة من العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.
وحتى يتم التوصل إلى اتفاق شامل، ستظل الفحوصات على المنتجات الطازجة معلقة حتى 31 يناير 2027 على أقرب تقدير، على أمل أن تلغي الاتفاقية المرتقبة الحاجة إليها تمامًا، وتعيد بعض ملامح سلاسة التجارة التي كانت قائمة قبل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.