مفهوم حسن الظن بالله
حسن الظن بالله تعالى هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، والأمل الذي لا ينقطع مهما طال الأمد، ومهما بعدت المسافات.
عَنْ أَبِي هرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بِي.
ويكون حسن الظن بإجابة الدعاء، من قوة الإيمان بالمولى سبحانه وتعالى الذي يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ.
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.
وإذا تأخر جواب الله عز وجل لا يقنت المؤمن من غياب الرد.
فإن القنوط سوء ظن بالله تعالى، وهو من الأمور المحرمة.
حيث يقول تعالى: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ.
وقال أيضا: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. رواه البخاري ومسلم.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ما مِن مسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثمٌ، وَلَا قَطِيعَة رَحِمٍ.
إِلَّا أَعطَاه اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِما أَنْ تعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَن يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ.
وَإِما أَنْ يَصرِفَ عَنهُ مِنَ السوءِ مِثلَهَا، قَالوا: إِذًا نكثر قَالَ: اللهُ أَكثَرُ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فإن الراجي ليس معارضا، ولا معترضا، بل راغبا راهبا، مؤملا لفضل ربه، محسن الظن به، متعلق الأمل ببره وجوده.
عابدا له بأسمائه: المحسن، البر، المعطي، الحليم، الغفور، الجواد، الوهاب، الرزاق.
والله يحب من عبده أن يرجوه، ولذلك كان عند رجاء العبد له وظنه به ” انتهى.
ومن حسن الظن بالله تعالى ألا يعترض الداعي على عدم تحقق المطلوب فلعل الخير له في عدم تحقق مطلوبه.
ولعله قد أعطي بدعوته ما هو أفضل له من مطلوبه وهو لا يشعر.
بالإضافة إلى ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان.
فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.
وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات، فإن وحشة المعاصي والظلم والإجرام : تمنعه من حسن الظن بربه.
وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق المسيئ الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به.
علاوة على ذلك لا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته.
وأحسن الناس ظنا بربه : أطوعهم له.