ترامب: الولايات المتحدة غير ملزمة بتحقيق هدف إنفاق الناتو على الدفاع
في تصريح مثير للجدل قبيل قمة الناتو المرتقبة في لاهاي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ليست مضطرة لتحقيق هدف إنفاق دفاعي بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما قد يُشعل خلافاً جديداً مع حلفاء واشنطن الأوروبيين وسط توترات متصاعدة داخل التحالف العسكري الغربي.
وقال ترامب، خلال مؤتمر صحفي عُقد في نيوجيرسي، إنه لا يرى سبباً يدفع الولايات المتحدة إلى الالتزام بنفس المستوى من الإنفاق المطلوب من باقي أعضاء الناتو.
وأضاف: “لقد دعمنا الناتو لفترة طويلة. لا أعتقد أن علينا فعل ذلك، لكن أعتقد أن عليهم هم أن يفعلوا ذلك”.
تحركات القمة
يأتي هذا التصريح قبل قمة الناتو في لاهاي التي تنطلق الثلاثاء بمشاركة قادة الدول الـ32 الأعضاء في الحلف، حيث ستُناقش أهداف الإنفاق العسكري وهيكلة القوات وخطط نشرها في ظل المتغيرات الجيوسياسية، لا سيما في أوكرانيا.
وكان ترامب قد طالب الحلفاء الأوروبيين منذ بداية حملته الانتخابية بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من ضعف الالتزام الحالي البالغ 2%.
لكن هذه هي المرة الأولى التي يُصرّح فيها بشكل علني بأن الولايات المتحدة معفاة من هذا الهدف، رغم أن حصة واشنطن الحالية تبلغ 3.4% فقط.
اقتراح جديد.. وحلول وسط
للتعامل مع هذا التباين، يسعى قادة الحلف إلى طرح مقترح بديل خلال قمة لاهاي يتمثل في تخصيص 3.5% للإنفاق الدفاعي المباشر، مع إضافة 1.5% مخصصة للبنية التحتية والأمن السيبراني، ضمن محاولة لاحتواء المطالب المتشددة من إدارة ترامب دون إثقال كاهل الاقتصادات الأوروبية.
وحتى الآن، لا تلتزم سوى بولندا ودول البلطيق الثلاث (إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا) بنسبة 5%، بينما تُبدي غالبية دول الحلف تحفظها أو رفضها الصريح.
فقد أبلغ رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في رسالة رسمية إلى الأمين العام الجديد للناتو مارك روته، أن بلاده “لا تستطيع الالتزام بهدف إنفاق محدد كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في هذه القمة”، في إشارة إلى صعوبة التوافق الأوروبي.
كذلك حذّر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من التسرع في فرض سقف إنفاق مرتفع، قائلاً: “علينا أن نجد حلاً وسطاً بين ما هو ضروري وما هو ممكن فعليًا”.
خلاف داخل الإدارة الأميركية
على الصعيد الداخلي، لا يحظى موقف ترامب بتأييد كامل من حزبه. فقد أعرب كبار الجمهوريين في الكونغرس، مثل السيناتور روجر ويكر (ميسيسيبي) والنائب مايك روجرز (ألاباما)، عن رفضهم خفض سقف الإنفاق الدفاعي الأميركي، وطالبوا بزيادة موازنة البنتاغون إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 1.4 تريليون دولار سنويًا.
واتهم هؤلاء ترامب بالتقاعس عن تعزيز قدرة الردع الأميركية، مشيرين إلى أن خططه الحالية تبقي ميزانية الدفاع ثابتة نسبيًا، مع بعض الاستثناءات المرتبطة بمشاريع استثمارية لمرة واحدة.
مقارنة تاريخية
وفي تقييم واقعي لحجم الإنفاق الأميركي، قال سيث جونز، مدير برنامج الدفاع والأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن معدل الإنفاق الدفاعي الحالي البالغ 3.4% “أقل من أي وقت مضى خلال الحرب الباردة”.
وأضاف أن “نسبة إنفاق إدارة ترامب الحالية أقل حتى من تلك المسجلة في عهد إدارة جيمي كارتر في السبعينيات”.
وتصريحات ترامب ومطالباته المتكررة بشأن زيادة إنفاق الحلفاء تضع تماسك الناتو في مهب الريح، خصوصاً في وقتٍ تتصاعد فيه التهديدات الأمنية العالمية من روسيا والصين، وتتعاظم الحاجة إلى التنسيق الدفاعي داخل الحلف.
ورغم أن قمة لاهاي قد تنجح في إيجاد تسوية مؤقتة، إلا أن موقف واشنطن بات يثير قلق الحلفاء بشأن استمرارية التزام الولايات المتحدة تجاه أمن أوروبا، ويعيد فتح باب النقاش حول الاستقلال الدفاعي الأوروبي، في حال قررت إدارة ترامب تقليص مشاركتها الفعلية في الحلف الأطلسي.