ما لا تعرفه عن معدلات الالتزام الديني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بيروت – رويترد عربي| قال مركز بحوث بيو الدولي إن هناك تباين في مستويات التدين كثيراً بناء على عدة عوامل، تشمل سنوات التعليم وسنوات العمر المتوقعة والدخل ومستويات اللامساواة الاقتصادية.
وذكر المركز في تقرير أن الالتزام الديني الشخصي ليس ظاهرة واحدة عبر مختلف الأماكن أو الأوقات.
وأشار إلى أنه توصل آخرون إلى أنه أثناء الأزمات، مثل الكوارث الطبيعية أو الهجمات الإرهابية، يظهر توجه لزيادة معدلات التدين بين المتضررين.
وبين المركز أنه جزئياً، يرجع هذا إلى حقيقة أن الدين يقدم تعاليم وآليات تساعد الأفراد على التعامل مع التحديات الحياتية.
وعلى مستوى العالم، يبدو أن تعامل الناس مع جائحة كوفيد-19 لم يمثل استثناء، إذ بلغت عمليات البحث في محرك بحث غوغل أعلى معدلاتها على الإطلاق.
وبشأن بحث المستخدمين حول الصلاة والدعاء، وتكشف البيانات الواردة من أمريكا بهذا الصدد زيادة الاعتقاد الديني بسبب الأزمة.
ومنذ بدايته، فإن الباروميتر العربي يتتبع معدلات الالتزام الديني عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، فإن البيانات الواردة من استطلاعات الرأي الممثلة لمستوى الدولة قد أظهرت تغيرات في مستويات التدين الشخصي على مر الزمن.
ففي 2019، سلطت المنصات الإعلامية الضوء على تراجع ضئيل لكن مهم في معدلات التدين في المنطقة، بين الدورة الثالثة للباروميتر العربي (2012-2014)، والدورة الخامسة (2018-2019).
لكن هذا التوجه انعكس مساره منذ ذلك الحين.
ففي الدورة السابعة من الاستطلاعات (2021-2022)، تبين أن الناس في المنطقة أصبحوا أقل إقبالاً على اعتبار أنفسهم “غير متدينين”، لا سيما الشباب.
ووصف الأغلب الأعم من المواطنين عبر جميع الدول المشمولة بمختلف دورات الباروميتر العربي أنفسهم بأنهم “متدينون” أو متدينون “إلى حد ما”.
ووفق الموفق، على أن هناك بعض من وصفوا أنفسهم بأنهم “غير متدينين”.
وفي أغلب الدول، بلغ هذا المستوى ذروته في دورة الاستطلاع لعامي 2018-2019.
وقال حينئذ 31$ من التونسيين و25% من الليبيين إنهم غير متدينين.
وفي الدول الأخرى كانت النسبة أقل وتراوحت بين 15 بالمئة في الجزائر و5 بالمئة في اليمن.
لكن الشباب في أغلب الدول، بين 18 و29 عاماً، كانوا أكثر إقبالاً مقارنة بالشريحة العمرية 30 عاماً فأكبر، على القول بأنهم “غير متدينين”.
وبين أن نسبة الشباب “غير المتدين” بلغت أقصاها في تونس (46 بالمئة) ثم في ليبيا (36 بالمئة) والجزائر (24 بالمئة) والمغرب (22 بالمئة) ومصر (18 بالمئة).
ويُلاحظ أن الشباب في دول كثيرة أصبح أكثر إقبالاً بكثير على اعتبار نفسه “غير متدنين” منذ فترة 2012-2014.
بما يشمل في تونس (24+ نقطة مئوية) وليبيا (18+ نقطة مئوية) والمغرب (18+ نقطة مئوية) ومصر (15+ نقطة مئوية) والجزائر (11+ نقطة مئوية).
وأدت هذه النتيجة بالبعض إلى التساؤل عمّا إذا كانت المنطقة ستصبح أقل تديناً في السنوات المقبلة.
يبدو أن الإجابة هي لا، أو على الأقل لن يحدث هذا في المستقبل القريب.
وخلال أحدث دورات الاستطلاع (2021-2022)، أصبح مواطنو المنطقة أقل إقبالاً على اعتبار أنفسهم “غير متدينين”.
ووفق المركز فإنه لا يزال الناس في تونس (27 بالمئة) وليبيا (24 بالمئة) هم الأكثر إقبالاً على هذا التصنيف، ثم يحل لبنان في المرتبة الثالثة (19 بالمئة).
وفي جميع الدول الأخرى التي غطاها الاستطلاع، قال 1 من كل 10 أشخاص أو أقل بأنه “غير متدين”. مقارنة بدورة استطلاعات 2018-2019.
وبين أن فهذه المعدلات تمثل تراجعاً كبيراً، بما يشمل بواقع 7 نقاط بالمغرب و3 بمصر و5 بالجزائر و4 نقاط في الأردن وفلسطين والسودان وتونس، على التوالي.
من بين الدول المشمولة بالاستطلاع في الدورتين، ففي كل من لبنان (5+ نقاط مئوية) والعراق (2+ نقطة مئوية) فقط لم يحدث تراجع في نسبة المواطنين الذين اختاروا “غير متدين”.
يُلاحظ أن هذا التغيير كبير بصورة خاصة في أوساط الشباب.
ففي تونس، أصبح من تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً الآن أقل إقبالاً على اعتبار أنفسهم “غير متدينين” بواقع 15 نقطة مئوية، قياساً إلى الوضع قبل ثلاث سنوات.
وفي الدول الأخرى، طرأ تراجع بين الشباب بواقع 12 نقطة مئوية في المغرب ومصر، و8 نقاط في الأردن، و7 نقاط في الجزائر، و5 نقاط في فلسطين.
وفي العراق والسودان، لم يطرأ تغيّر يُذكر بين الشباب، في حين أن لبنان وحده هو البلد الذي زادت فيه كثيراً (13 نقطة مئوية) نسبة الشباب الذين يعتبرون أنفسهم “غير متدينين”.
وذكر المركز أن الاستثناء اللبناني يسلط الضوء على أن المنطقة بعيدة عن كونها متجانسة فيما يتعلق بالتدين الشخصي، مع صعوبة التنبؤ بما إذا كان التدين سيزيد أو سيقل في المستقبل.
بينما في هذه الفترة، شهد لبنان انهياراً تاماً في نظامه المالي. ولطالما كان النظام الطائفي هو المدخل لتوازن السلطة بين أتباع الطوائف الدينية المختلفة.
ومع إخفاق هذا النظام في لبنان، يُرجح أن المواطنين قد لاموا المنظومة الدينية برمتها إلى حد ما.
ورداً على ما حدث، وعلى النقيض من الوضع في الدول الأخرى، يُرجح أن المواطنين قد نأوا بأنفسهم عن اختيار التدين كسمة شخصية.
وأشار إلى أنه نظراً لدور القيادات الدينية من مختلف الطوائف في الأزمة السياسية الراهنة.
ولا تقف النتائج عند البحث حول الهوية الذاتية، إنما تتناول أيضاً الممارسة الدينية.
ونبه إلى أنه طرأت زيادة في نسبة المواطنين الذين أفادوا بأنهم يتفاعلون مع النصوص الدينية بشكل يومي، بين الفترة 2018-2019 و2021-2022.
ولدى السؤال عمّا إذا كان المواطنون يقرأون أو يستمعون إلى القرآن أو الإنجيل مرة واحدة على الأقل يوميا.
وتبين زيادة نسبة من قالوا بأنهم يفعلون هذا دائماً أو أغلب الوقت في عدد من الدول. بالنسبة لجميع المواطنين البالغين.
وتظهر زيادات كبيرة في كل من المغرب (19+ نقطة مئوية)، وتونس (13+ نقطة) وفلسطين (11+ نقطة) ولبنان (7+ نقطة) والسودان (5+ نقطة) والجزائر (4+ نقطة).
وقد حقق التفاعل مع النصوص الدينية زيادة أكبر في أوساط الشباب عبر المنطقة، قياساً للفترة 2018-2019.
بينما الزيادة في شريحة الشباب بلغت 22 نقطة مئوية في تونس، و18 نقطة في المغرب، و13 نقطة في الجزائر، و6 نقاط في السودان، و5 نقاط في الأردن، و4 نقاط في لبنان.
وقال: “أي أن المواطنين عبر المنطقة – لا سيما الشباب – تراجعت نسبة اعتبار أنفسهم “غير متدينين” وفي الوقت نفسه زادت درجة إقبالهم على الممارسة الدينية”.
وخلص المركز إلى أنه لا تعتبر الهوية الدينية والممارسات الدينية حول العالم أمرا ثابتا ومستقرا لا يتبدل، إنما هي تزيد وتنقص مع الوقت.
في حين أن نسبة المواطنين بالمنطقة – لا سيما الشباب – ممن قالوا إنهم “غير متدينين” راحت تزيد بالعقد الثاني من الألفية.
وذكر أنه انعكس هذا التوجه في العقد الثالث من الألفية. يمكن أن تكون زيادة نسب الالتزام الديني الشخصي بسبب عدد من العوامل.
وأشار إلى أنها مثل آثار كوفيد-19، وتدهور الظروف الاقتصادية، أو لمواجهة تحديات أخرى من النوع الذي يُرجح أن يحمل الناس على الالتفات إلى الدين.
وبغض النظر عن السبب، فبيانات -موقع الباروميتر العربي تُظهر بوضوح أن الدين مستمر في لعب دور أساسي في حياة أغلب الناس عبر المنطقة.
وأشار إلى أن هذا الأمر يُرجح أن يستمر في المستقبل المنظور.