في تقدم مذهل: المعارضون السوريون يخترقون حلب أكبر مدينة في سوريا
قالت فصائل المعارضة السورية إنها تقدمت إلى داخل مدينة حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة في هجوم مفاجئ، وهو الاختراق الأول من نوعه لأكبر مدن البلاد منذ نحو عقد.
وأعاد الهجوم الخاطف الذي قادته هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية مسلحة مقرها محافظة إدلب، رسم خطوط الجبهات في الحرب الأهلية المستمرة منذ 13 عامًا للمرة الأولى منذ سنوات، وهدد بفترة جديدة من المواجهة العنيفة مع الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه.
ولم يتضح على الفور مدى عمق توغل المعارضة في حلب أو ما إذا كانت ستتمكن من الاحتفاظ بالأراضي داخل المدينة أو قربها.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها هيئة تحرير الشام وتم تأكيدها من قبل صحيفة واشنطن بوست مقاتلين من المعارضة عند مدخل المدينة ومواقع أخرى في الجانب الغربي منها.
وذكرت القوات المسلحة السورية أنها ألحقت “خسائر فادحة” بالمهاجمين في ريف حلب وفي إدلب شمال غرب البلاد.
وأفادت وكالة “تاس” الروسية الرسمية أن القوات الجوية الروسية، الحليفة للأسد، “قضت على” ما لا يقل عن 200 مسلح.
كما حذرت القوات السورية المواطنين من المعلومات “المضللة”، بما في ذلك المقاطع المصورة التي ينشرها المتمردون.
لكن وسيلة إعلام موالية للحكومة السورية قالت إن “أصوات الصواريخ والقذائف” سُمعت في معظم أحياء مدينة حلب يوم الجمعة، “وسط استمرار المعارك والاشتباكات” في ريف المدينة الغربي مع فرار السكان.
ورغم أن الحرب الأهلية في سوريا هدأت في السنوات الأخيرة، فإن البلاد ما زالت منقسمة.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على أجزاء من محافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا، فيما تسيطر مجموعات معارضة مدعومة من تركيا على أجزاء أخرى من شمال سوريا، بينما تسيطر قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة على أجزاء من شرق البلاد، ويحصل نظام الأسد على دعم عسكري من روسيا وإيران.
واستعاد النظام السوري السيطرة على حلب من قبضة المعارضة في عام 2016 بعد حصار دموي استمر لأشهر وهجوم مدعوم بالقوة الجوية الروسية، وهو ما اعتُبر نقطة تحول في الحرب الأهلية منحت الأسد اليد العليا، وتم إجلاء المعارضة والمدنيين إلى ريف المدينة غربًا.
وبدأ النزاع بعد انتفاضة ضد الأسد عام 2011 قوبلت بقوة قاتلة من الحكومة.
ويأتي هجوم المعارضة الذي بدأ الأربعاء في وقت تركز فيه المنطقة على الحروب الإسرائيلية ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان.
ودخلت هدنة مبدئية في لبنان يومها الثالث الجمعة وقصفت إسرائيل سوريا بشكل متكرر في العام الماضي، واستهدفت في بعض الحالات عناصر إيرانية وحزب الله.
وأشار مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى أن إسرائيل شنت “أوسع وأسرع حملة ضربات جوية في سوريا منذ 13 عامًا”.
ولم يتضح الدور الذي لعبته الضربات الإسرائيلية، إن وُجد، في قرار المعارضة السورية التحرك، ولم يرد متحدث باسم هيئة تحرير الشام على طلب للتعليق.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطط لعقد اجتماع نادر مساء الجمعة لمجلس الأمن القومي لمناقشة التطورات في سوريا ووقف إطلاق النار في لبنان.
وقال محمد بشير، رئيس الهيئة التنفيذية المدعومة من هيئة تحرير الشام في إدلب، يوم الخميس، إن الهجوم جاء ردًا على هجمات حكومية استهدفت “المناطق الآمنة وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين”.
وأضاف أن الهدف هو “إزالة مصدر النيران من العدو المجرم” وإعادة المدنيين إلى منازلهم.
من جانبها، قالت تركيا، التي تدعم فصائل المعارضة السورية ولكنها حاولت دون جدوى تطبيع العلاقات مع الأسد، إن “الحفاظ على الهدوء في إدلب والمناطق المجاورة يمثل أولوية”.
وقد اتخذت الحكومة التركية إجراءات صارمة لمنع دخول اللاجئين السوريين، بما في ذلك بناء جدار حدودي والتفاوض مع روسيا وإيران لإنهاء النزاع.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان: “لقد حذرنا في مختلف المنصات الدولية من أن الهجمات الأخيرة على إدلب وصلت إلى مستوى يقوض روح وتنفيذ اتفاقيات أستانا، وأن هناك خسائر كبيرة في صفوف المدنيين”.
وأفاد مسؤولون وسلطات طبية في إدلب عن عدة غارات جوية شنتها القوات السورية خلف خطوط المعارضة يومي الخميس والجمعة.
وذكرت الخوذ البيضاء، وهي منظمة دفاع مدني، أن مدنيين قُتلوا في هجمات غرب حلب الخميس وفي مدينة إدلب الجمعة.
وأفادت قناة التلفزيون السورية الرسمية أن قصفًا من “تنظيم إرهابي” استهدف جامعة حلب الجمعة، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة آخرين.
وتعد هيئة تحرير الشام، وهي جماعة معارضة، فرعًا سابقًا لتنظيم القاعدة اجتذب متشددين أجانب، وكانت تُعرف سابقًا بجبهة النصرة، واكتسبت شهرتها قبل أكثر من عقد كأقوى مجموعة تحاول الإطاحة بالأسد.
وحاولت الجماعة على مدار السنوات الماضية، إعادة تقديم نفسها، بفصل روابطها عن تنظيم القاعدة، وإبعاد العناصر الأكثر تطرفًا، وتقديم خدمات للسكان في إدلب.
ومع انتشار مقاتلي الجماعة في حلب الجمعة، دعا زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني عناصره إلى أن يكونوا “رحماء ولطفاء مع الناس”، وطالبهم بتهدئة “مشاعر أبناء شعبنا من جميع الطوائف”، في إشارة إلى تاريخ الجماعة في معاداة المسيحيين والمسلمين الشيعة.
وقال في بيان: “كل من يعلن انشقاقه عن النظام المجرم ويلقي سلاحه ويسلم نفسه للثوار فهو آمن”.