وول ستريت جورنال: ترامب أمام لحظة تاريخية لعقد صفقة كبرى مع إيران
بعد عشر سنوات من توقيع آخر اتفاق نووي مع إيران، تغير ميزان القوى بشكل كبير.
التحالف الذي حدد فرص وتحديات التفاوض عام 2015 لم يعد موجودًا. أوروبا تحتفظ بعلاقات مع طهران، والعقوبات النووية متعددة الأطراف التي فرضها العالم لإجبار إيران على التفاوض اختفت ولن تعود. كما أعيد تشكيل العلاقات مع موسكو وبكين بسبب الخلافات حول أوكرانيا والتجارة.
وباختصار، أصبح الطرفان الوحيدان اللذان يمكنهما إبرام اتفاق جديد هما الولايات المتحدة وإيران، بدلاً من ثمانية أطراف كما كان سابقًا.
والأهم من ذلك، أن الأشهر الثمانية عشر الماضية أوجدت واقعًا إقليميًا جديدًا يجب أن يدفع إيران إلى إعادة النظر في مصالحها.
فمشروع طهران الإمبراطوري الذي طالما اعتبرته سبب وجودها منذ ثورة 1979 أصبح في حالة خراب.
رؤوس حربة النظام — حماس وحزب الله — تعرضت لتآكل كبير.
أما الدولة العميلة، سوريا بقيادة بشار الأسد، فقد تم تفكيكها.
وبعد هجمات صاروخية سيئة التخطيط على إسرائيل، أصبحت الأجواء الإيرانية مكشوفة أمام الدولة العبرية.
أما معاناة الشعب الإيراني، التي طالما بررتها الحكومة بأنها الثمن اللازم “للتدخل الثوري”، فقد أصبحت موضع تدقيق داخلي.
وفي نظر الإيراني العادي، لا بد أن مزاعم النظام بامتلاك “تفويض سماوي” تبدو اليوم مكسورة وسط حطام مغامرات الوكلاء الفاشلة.
بعبارة أخرى، تحمل الجمهورية الإسلامية أوراق تفاوض ضعيفة، في الوقت الذي أصبحت فيه أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك قنبلة نووية.
رغم أن البعض قد يرى أن الوقت مناسب للتركيز حصريًا على اتفاق نووي جديد، ترى هيئة التحرير أن هناك إمكانيات أوسع يمكن تحقيقها.
يجب أن يكون الاتفاق الجديد أكثر شمولاً من أي مفاوضات سابقة.
يمكن لترامب أن يسعى إلى اتفاق يمنع إيران بشكل دائم من امتلاك برنامج نووي خطير.
أولاً، يجب أن يحظر تخصيب اليورانيوم فوق الحد المسموح به للاستخدام المدني، وأن يشترط إنهاء المواقع النووية المحصنة أو المدفونة.
كما يجب فرض حد صارم على كمية المواد الانشطارية التي تحتفظ بها إيران، مع تطبيق نظام تفتيش شامل لضمان الامتثال.
ويجب أن تكون الالتزامات دائمة وقابلة للتحقق.
يجب أيضًا أن توافق طهران على تقييد صارم لبرنامجها للصواريخ الباليستية، وإنهاء دعمها للوكلاء والإرهاب.
لقد أثبتت إيران تهورها في استخدام كلا السلاحين.
وحل هذه النقاط الضاغطة أمر ضروري لتحقيق السلام الإقليمي.
ومع ذلك، هناك أيضًا حوافز (جزرات) مطروحة.
إذا أثبتت إيران التزامها الكامل بشروط العلاقة الجديدة، يمكن رفع جميع العقوبات الاقتصادية المشددة المتعلقة بأنشطتها النووية والصاروخية والإقليمية غير المشروعة.
ويمكن تمديد الاعتراف الدبلوماسي الرسمي والعلاقات الكاملة مع الولايات المتحدة.
كما يجب على مجلس الشيوخ التصديق على هذا الوضع الجديد بمعاهدة ملزمة قانونيًا — مما يعالج قلق إيران بشأن إمكانية تراجع أي اتفاق تنفيذي مستقبليًا.
وتاريخيًا، دعم العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين التوصل إلى حل سلمي للتهديد النووي الإيراني.
ترامب وحده، بعلاقاته العميقة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، قادر على حشد الأغلبية المطلوبة بمقدار الثلثين للتصديق على مثل هذه المعاهدة.
على المستوى الجيوسياسي، لا تملك طهران خيارًا أفضل.
فبينما يفكر المرشد الأعلى علي خامنئي في عقد صفقة جديدة، أمامه فرصة للتخلي عن استراتيجية الوكلاء الفاشلة، قبل حدوث مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.
لطالما صرح خامنئي بمعارضته للأسلحة النووية، مدينًا تطويرها واستخدامها على أسس دينية وأخلاقية.
فإذا لم تكن لدى إيران نية لامتلاك أسلحة نووية، فلماذا لا تستبق الحرب التي قد تفضي إلى نتائج كارثية عليها وعلى المنطقة، وتحصل بدلًا من ذلك على اليقين من خلال معاهدة؟
التاريخ الإيراني، الذي يحفل بلحظات من الغطرسة والإخفاق الذاتي، مليء أيضًا بأمثلة على اتخاذ قادة قرارات صعبة في لحظات حرجة.
ففي عام 1988، تجرع المرشد الأعلى آنذاك روح الله الخميني “كأس السم” وقبل بإنهاء الحرب مع العراق بدلاً من الاستمرار في مسار كارثي.
الآن، يعيش خامنئي لحظة قراره المصيرية.
على طهران أن تختار.
فالحضارة التي شكلت لعبة الشطرنج منذ أيام البلاط الفارسي تواجه الآن لحظة شاه (تهديد مباشر للملك):
رغم خسارتها للعديد من القطع الرئيسية، تُمد إيران اليوم بفرصة لاتفاق مع الولايات المتحدة يمكن أن يبعد عنها حربًا ذات تداعيات غير متوقعة.
إذا فشلت المحادثات الحالية في تحقيق اختراق، فستظل الخيارات العسكرية متاحة كما هي اليوم.
وبالنظر إلى هذه المخاطر، فإن استعداد ترامب لمتابعة المسار الدبلوماسي يبدو تصرفًا حكيمًا.