البنتاغون يراجع صادرات الأسلحة وسط انخفاض المخزونات

في تطور يعكس عمق الضغوط الواقعة على ترسانة السلاح الأمريكية، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها تجري مراجعة شاملة لشحنات الأسلحة إلى الحلفاء حول العالم، وسط مؤشرات مقلقة على انخفاض مخزونات ذخائر حيوية، بينها الصواريخ الدفاعية والذخائر الدقيقة.

أكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن المراجعة لا تقتصر على أوكرانيا، بل تشمل دولاً أخرى تعتمد على المساعدات العسكرية الأمريكية، ما يفتح الباب أمام احتمال إعادة ترتيب أولويات واشنطن الدفاعية على نطاق عالمي.

وقال بارنيل في إفادة صحافية: «نجري مراجعة لقدراتنا العسكرية لضمان توافقها مع أولوياتنا الدفاعية… ولن نقدّم أي تحديثات بشأن كميات أو أنواع الذخائر التي يتم نقلها أو جدولها الزمني في هذه المرحلة».

تأتي هذه المراجعة بعد إعلان البيت الأبيض تقييد شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، في خطوة وصفها مسؤولون بأنها تهدف إلى «وضع مصالح أمريكا في المقام الأول» بعد ثلاث سنوات من الدعم العسكري غير المسبوق لكييف.

توقف شحنات باتريوت وأسلحة أخرى

بحسب تقارير إعلامية، توقفت شحنات أنظمة الدفاع الجوي باتريوت، إلى جانب ذخائر رئيسية أخرى، بفعل المراجعة الجارية. يُعتقد أن هذه الخطوة نابعة جزئياً من استهلاك مئات صواريخ الدفاع الجوي الأمريكية الشهر الماضي لحماية إسرائيل وقطر من هجمات إيرانية، ما استنزف المخزونات إلى مستويات مثيرة للقلق.

وتشمل الأسلحة قيد المراجعة أيضاً ذخائر هجومية دقيقة مثل صواريخ هيمارس بعيدة المدى، وقذائف المدفعية عيار 155 ملم، وهي ذخائر كانت أساسية في دفاع أوكرانيا ضد الهجمات الروسية المستمرة على المدن والبنية التحتية للطاقة.

كييف تحذر: التأخير يشجع روسيا

من جانبها، حذرت أوكرانيا من أن أي تأخير أو تخفيض في المساعدات العسكرية الأمريكية سيقوّض قدرتها على الدفاع عن أراضيها، وسيبعث برسالة خاطئة إلى موسكو. واستدعت كييف القائم بالأعمال الأمريكي للتأكيد على أهمية استمرار الدعم العسكري.

وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان: «أي تأخير أو مماطلة في دعم القدرات الدفاعية لأوكرانيا لن يؤدي إلا إلى تشجيع المعتدي على مواصلة الحرب والإرهاب، بدلاً من السعي إلى السلام».

أولوية مواجهة الصين

تأتي هذه التحركات بينما تتعالى أصوات داخل وزارة الدفاع وخارجها تطالب بتحويل الموارد الأمريكية بعيداً عن أوروبا والشرق الأوسط، والتركيز بدلاً من ذلك على مواجهة ما تعتبره واشنطن التهديد الأكبر المتمثل في الصين.

يقود هذه الموجة من التفكير الجديد وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات إلبريدج كولبي، الذي يُعرف مع فريقه من محللي السياسة الخارجية بأنهم ينتمون إلى تيار «أولوية الصين» في الاستراتيجية الأمريكية.

ولدى هؤلاء الحلفاء داخل الحزب الجمهوري، بينهم نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي كان من أبرز المنتقدين للمساعدات الكبيرة التي ذهبت إلى أوكرانيا خلال إدارة بايدن.

ويعتقد هؤلاء أن الاستنزاف المستمر لمخزونات الذخيرة الأمريكية قد يترك البلاد أقل استعداداً لمواجهة أي صراع محتمل في المحيطين الهندي والهادئ.

اعتراف بأزمة ذخائر

أقر بارنيل، متحدث البنتاغون، بأن وتيرة شحن الأسلحة في السنوات الأخيرة كانت «سريعة جداً»، وقال: «لفترة طويلة، على مدار أربع سنوات في عهد إدارة بايدن، كنا نوزع الأسلحة والذخائر دون أن نفكر مليًا في كميتها. أعتقد أن هذا الرئيس انتخب على أساس وضع هذا البلد في المقام الأول والدفاع عن الوطن».

وأضاف بارنيل أن جزءاً من مهمة وزارة الدفاع حالياً هو «توفير إطار يمكن الرئيس من تقييم كمية الذخائر المتوفرة ووجهة إرسالها».

ويثير هذا التباطؤ في شحن الأسلحة قلق العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة، خصوصاً تلك التي تعتمد بدرجة كبيرة على واشنطن في تلبية احتياجاتها الدفاعية.

فعلى سبيل المثال، تشتري إسرائيل نحو 68% من أسلحتها الأجنبية من الولايات المتحدة. ولم يحدد البنتاغون ما إذا كانت مراجعة الصادرات ستشمل تل أبيب أو غيرها من الدول التي تشهد توترات إقليمية.

وبينما تتعالى التحذيرات من كييف بشأن تداعيات أي خفض في المساعدات، يرى محللون أن الولايات المتحدة باتت أمام معادلة صعبة: تلبية التزاماتها العالمية تجاه الحلفاء، أو الحفاظ على الجاهزية العسكرية لمواجهة خصوم استراتيجيين مثل الصين.

في الأثناء، يظل حلفاء واشنطن يترقبون نتائج هذه المراجعة الحاسمة، التي قد تعيد رسم خريطة المساعدات العسكرية الأمريكية حول العالم في الأشهر المقبلة.

 

قد يعجبك ايضا