رسوم ترامب الجمركية ترفع أسعار متاجر البقالة الشرق أوسطية في الولايات المتحدة

في شمال فيرجينيا، حيث يستقر مجتمع الشرق الأوسط المتنامي في منطقة العاصمة الأمريكية، يعمل متجر بقالة صغير يُدعى “سوق بابل” على تقديم النكهات والتقاليد التي تربط المهاجرين بوطنهم الأصلي. لكن اليوم، يواجه هذا المتجر وغيره من المتاجر المتخصصة في بيع السلع الشرق أوسطية تحديات جديدة، مع ارتفاع الأسعار إثر الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على المنتجات القادمة من بلدان الشرق الأوسط.

 

فقد أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على البضائع المستوردة من العراق، و10% على السلع القادمة من تركيا ولبنان والإمارات العربية المتحدة والسعودية، ما دفع الموردين لتعديل الأسعار بالفعل قبل تطبيق الرسوم رسمياً في الأول من أغسطس المقبل.

 

“كل شيء يرتفع”

يقول صاحب سوق بابل، ساجفان سعيد، الذي فر من العراق عام 1991 بعد حرب الخليج وحصل على اللجوء في كندا ثم انتقل إلى الولايات المتحدة حيث افتتح متجره في 2010، إن الأسعار بدأت في الارتفاع بشكل ملحوظ.

وأضاف سعيد: “إذا كنا نشتري مخزونًا بقيمة ألف دولار، أصبح الآن يكلفنا 1500 أو 1600 دولار”. ويتابع: “عندما نضيف 10% للمنتج، يجب أن أضيف 35 إلى 40% أخرى لتحقيق هامش الربح، وهذا يعني أن سعر المنتج الذي كان دولارًا أصبح 1.6 دولارًا. الأمر صعب علينا وعلى الزبائن، لكن لا خيار أمامنا”.

 

ارتفاع أسعار السلع الأساسية

تظهر تأثيرات الرسوم الجمركية في زيادة أسعار العديد من السلع الأساسية التي يعتمد عليها المجتمع الشرق أوسطي في أمريكا، ومنها:

 

علبة التمر السعودي التي ارتفعت من 9.99 إلى 14.99 دولارًا.

 

علبة القمح المطحون المستخدمة لتحضير الكبة العراقية من 4.49 إلى 6.99 دولارًا.

 

قهوة محمد أفندي التركية من 11 دولارًا إلى 18.99 دولارًا.

 

مشروب الشعير “باربيكان” من الإمارات الذي قفز من 21 إلى 32 دولارًا.

 

تأثير على المستوردين وتجار الجملة

يتلقى سعيد معظم بضاعته من مورّدين في ميشيغان، وهم بدورهم رفعوا الأسعار قبل تطبيق الرسوم الجمركية. وقال: “لم تُطبّق الرسوم رسميًا بعد، وأخشى ما سيكون عليه الوضع بعد الأول من أغسطس”.

 

وفي متجر “حلالكو” للحوم الحلال بمدينة فولز تشيرش، يعبر مدير المشتريات عويس محمد عن قلقه من ارتفاع أسعار بذور دوار الشمس والمعمول، رغم أن بعض السلع مثل الفول المدمس لم تتأثر بعد، حيث تعتمد على الأغذية المعلبة.

 

وأضاف محمد: “البقالة تشكل جزءًا كبيرًا من ميزانية الأسرة. إذا ارتفعت الأسعار بين 10% و20%، سيضطر الناس لتعديل إنفاقهم، سواء على الطعام خارج المنزل أو غيره”.

 

مواجهة المستقبل بأسعار متقلبة

قال إيمري ألبسوي، مدير شركة “جلوبال ماركت فودز” التي تستورد بضائع من الشرق الأوسط وتركيا وأوروبا: “نبيع حوالي 5000 منتج. الأسعار تشبه سوق الأسهم، ترتفع وتنخفض، لكننا نحرص على استمرارية العمل. في النهاية، القرار يعود للزبائن في كيفية التفاعل مع الوضع”.

 

ارتفاع التضخم وتداعيات أوسع

شهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا في أسعار المستهلكين بنسبة 2.7% في يونيو مقارنة بالعام الماضي، مع زيادة أسعار البقالة بنسبة 0.3% في شهر واحد فقط، ما يزيد الضغوط على الأسر الأمريكية.

 

ويحذر خبراء الاقتصاد من أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية على الأسعار سينعكس أكثر خلال الأشهر القادمة، وقد يؤدي إلى تغيير في عادات الإنفاق والاستهلاك.

 

تحديات أصحاب الأعمال الصغيرة

يواجه أصحاب الأعمال الصغيرة مثل ساجفان سعيد تحديًا يوميًا للحفاظ على متاجرهم وسط هذه الضغوط، وهم يأملون أن يتحلى زبائنهم بالصبر والتفهم في ظل هذه الظروف الصعبة.

 

يقول سعيد: “كان العمل يدعمنا، أما الآن فنحن ندفع ثمن استمراره”، مؤكداً أن دعم المجتمع هو ما سيُمكّن مثل هذه المشاريع من الاستمرار وتقديم طعم الوطن للمهاجرين في الغربة.

قد يعجبك ايضا