وثيقة سرية تكشف: الإمارات ضغطت على لاجئين أفغان للتوقيع على “ترحيل طوعي” رغم تعهد ترامب بإنقاذهم

كشفت وثيقة سرية صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، اطّلعت عليها وكالة رويترز، أن السلطات الإماراتية بدأت قبل أسابيع في إعادة لاجئين أفغان إلى وطنهم قسرًا، رغم ما زعمته بشأن “الترحيل الطوعي”، وقبل أيام فقط من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته التدخل لإنقاذهم.

 

وبحسب الوثيقة المؤرخة في 10 يوليو، أبلغ سالم الزعابي، المستشار الخاص لوزير الخارجية الإماراتي، مسؤولين أميركيين بأن بلاده أعادت بالفعل عائلتين أفغانيتين إلى كابل، وتعتزم ترحيل 25 شخصًا إضافيًا بحلول 20 يوليو، كجزء من خطة لـ”إغلاق هذا الفصل نهائيًا”، على حد قوله.

 

“ترحيل طوعي” تحت التهديد

الوثيقة، التي لم يُبلّغ عنها سابقًا، تكشف أن الإمارات طلبت من الولايات المتحدة تنسيق المواقف العلنية “لإدارة الانطباع العام”، في إشارة إلى رغبة أبوظبي في تجنّب الانتقادات الدولية أو اتهامها بانتهاك حقوق اللاجئين.

 

ورغم مزاعم المسؤولين الإماراتيين بأن المرحّلين غادروا “بناءً على رغبتهم بعدما سئموا الانتظار”، قال مصدران مطلعان على ما جرى داخل “مدينة الإمارات الإنسانية” — المنشأة التي تضم اللاجئين الأفغان في أبوظبي — إن اللاجئين تعرضوا لضغوط مباشرة، بما في ذلك التهديد بالاعتقال أو الترحيل القسري، إن لم يوقّعوا على وثائق “الترحيل الطوعي”.

 

وأوضح المصدران أن ممثلين عن حكومة طالبان، من خلال سفارتهم في أبوظبي، شاركوا في هذه الضغوط على العائلات، ما يثير القلق بشأن مصيرهم بعد عودتهم إلى حكم الحركة.

 

ترامب يتدخل بعد فوات الأوان؟

كتب ترامب في منشور على منصته “تروث سوشيال”: “سأحاول إنقاذهم، بدءًا من الآن”، في إشارة إلى تقرير صحفي نشره موقع جست ذا نيوز بشأن الأفغان العالقين. لكن الوثيقة تشير إلى أن بعض عمليات الترحيل كانت قد بدأت بالفعل، ما يعني أن تحرك ترامب جاء متأخرًا على الأرجح.

 

ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية ولا البيت الأبيض ولا الحكومة الإماراتية على طلبات للتعليق حتى الآن.

 

مصير أكثر من 30 لاجئًا في الميزان

منذ 2021، استضافت الإمارات مؤقتًا نحو 17,000 لاجئ أفغاني تم إجلاؤهم بعد سيطرة طالبان على الحكم، فيما ظل أكثر من 30 شخصًا — بينهم نساء وأطفال وأفراد من أسر خدموا مع القوات الأميركية — عالقين حتى اليوم في “مدينة الإمارات الإنسانية”، دون أفق واضح لإعادة توطينهم.

 

ويقول مراقبون إن مصير هؤلاء اللاجئين بات الآن غامضًا، لا سيما في ظل عدم وجود التزام أميركي واضح بإعادة توطينهم، أو توفير ضمانات تحميهم من خطر الاضطهاد في حال عودتهم إلى أفغانستان.

 

انعكاسات على لاجئين في قطر

الوثيقة السرية كشفت أيضًا عن قلق أميركي من تأثير هذه الخطوة على أوضاع نحو 1,500 لاجئ أفغاني آخرين عالقين في منشأة مماثلة بقاعدة السيلية في قطر. وقالت مجموعات حقوقية إن هؤلاء يعيشون في ظروف غير واضحة، بانتظار قرارات توطين قد لا تأتي قريبًا.

 

ورغم نقل إدارة الرئيس السابق جو بايدن قرابة 200,000 أفغاني إلى الولايات المتحدة منذ الانسحاب، فإن الآلاف لا يزالون ينتظرون وسط تعقيدات قانونية وإدارية. وفي المقابل، أوقف ترامب برامج إعادة التوطين فور توليه السلطة مجددًا في يناير، وألغى في أبريل الحماية المؤقتة من الترحيل التي كانت ممنوحة لآلاف الأفغان داخل الولايات المتحدة.

 

ودعا مشرعون ديمقراطيون ترامب إلى إعادة النظر في موقفه ومنح الحماية المؤقتة مجددًا، مؤكدين أن النساء والأطفال الأفغان يواجهون خطرًا خاصًا تحت حكم طالبان الذي ألغى خلال الأشهر الماضية غالبية حقوق النساء، ومنعهن من العمل والتعليم وحرية التنقل.

 

دعوات دولية للتدخل العاجل

في بيان صدر مساء الأحد، قالت منظمات حقوقية إن الوثيقة تعني أن هناك “حاجة عاجلة إلى تدخل دولي” لحماية من تبقّى من لاجئي مدينة الإمارات الإنسانية وقاعدة السيلية، محذّرة من أن ترحيلهم يمثل خرقًا واضحًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو أحد أركان القانون الدولي الإنساني.

 

وجاء في البيان: “على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن يتحركا فورًا لضمان الحماية القانونية لهؤلاء الأشخاص، ومنع إعادتهم إلى أيدي طالبان، حيث يواجهون خطر الاعتقال أو الانتقام”.

 

وبينما تنشغل العواصم الكبرى بصراعاتها السياسية، يبقى عشرات الأفغان — وبينهم أطفال — في انتظار مصيرهم داخل منشآت مؤقتة تحولت مع الوقت إلى سجون مفتوحة، لا وعد فيها إلا بالانتظار.

قد يعجبك ايضا