واشنطن تمضي نحو تصنيف الإخوان المسلمين و”كير” كمنظمات إرهابية

أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن إدارة ترامب تعمل على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، إلى جانب اتخاذ إجراءات ضد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، أكبر منظمة للحريات المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، بسبب ما وُصف بأنه “علاقات مفترضة” مع الإخوان وحركة حماس.

التصريح، الذي جاء خلال مقابلة إذاعية مع المذيع اليميني سيد روزنبرغ، يُعد المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول على مستوى مجلس الوزراء عن إجراءات كهذه، بعد سنوات من محاولات فاشلة من مشرعين أمريكيين لدفع الإدارات السابقة نحو هذا القرار.

مشروع قانون وضغط سياسي

التوجه الجديد يأتي بعد أن قدم نواب جمهوريون الشهر الماضي مشروع قانون بعنوان “قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية لعام 2025″، مطالبين الإدارة بتنفيذه. وفي الأسبوع الماضي، وجّه السيناتور الجمهوري توم كوتون خطاباً لدائرة الإيرادات الداخلية (IRS) يطالب فيه بإلغاء الوضع غير الربحي لـ”كير” بدعوى ارتباطها بـ”أنشطة إرهابية” مزعومة.

كوتون استند إلى ادعاءات بأن المنظمة مدرجة ضمن لجنة مرتبطة بالإخوان، وأنها شاركت في اجتماع سابق لأنصار حماس في فيلادلفيا، وهي مزاعم تنفيها “كير” بشدة وتصفها بأنها تعكس “تعصباً ضد المسلمين”.

ردود فعل غاضبة وتحذيرات

منظمات المجتمع المدني الإسلامية والحقوقية حذرت من خطورة استهداف “كير”، باعتبارها مؤسسة أمريكية محلية تموَّل من المواطنين الأمريكيين.
هاريس تارين، نائب رئيس وكالة السياسة في لجنة الشؤون العامة الإسلامية (MPAC)، وصف تصريحات روبيو بأنها “مقلقة للغاية”، مشدداً على أن الوزير “ليس لديه الحق أو التفويض” لاتخاذ مثل هذا القرار، وأن النقاش حول حظر “كير” لم يكن مطروحاً في إدارات أوباما أو ترامب الأولى أو بايدن أو بوش.

شاهد أمان الله، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، قال إن أي محاولة لإيجاد “روابط ملموسة” بين “كير” والإخوان ستصطدم بعدم وجود أدلة حقيقية، متهماً “قوى معادية للمسلمين” داخل بعض المؤسسات بالسعي لتمرير أجندات أيديولوجية.

الإخوان المسلمون… تاريخ وحظر إقليمي

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر أواخر عشرينيات القرن العشرين، ونمت كقوة سياسية واجتماعية مؤثرة في المنطقة. وصلت إلى الحكم ديمقراطياً عام 2012 عبر الرئيس الراحل محمد مرسي قبل أن يطيح به الجيش عام 2013، ومنذ ذلك الحين حُظرت في مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن.

رائد جرار، مدير الدعوة في منظمة “الديمقراطية في العالم العربي الآن” (DAWN)، اعتبر أن التصنيف المقترح يعكس “إسلاموفوبيا متصاعدة”، قائلاً إن الغرب يقبل الديمقراطية “إلا عندما يفوز المسلمون المتدينون بالانتخابات”، مستشهداً بحالات غزة ومصر وتونس وليبيا.

خلفية سياسية داخلية

الخطوة تأتي في سياق داخلي متوتر، حيث تتهم منظمات حقوقية الإدارة باستخدام قضايا “الأمن القومي” لتبرير قمع النشاطات المؤيدة لفلسطين في الجامعات والمجتمع المدني.

بحسب تقارير، استهدفت إدارة ترامب طلاباً دوليين ومؤسسات أكاديمية لمشاركتهم في احتجاجات مؤيدة لفلسطين، ورفعت دعاوى قضائية ضد جامعات بمبالغ طائلة، في إطار ما تصفه منظمات مثل “الصوت اليهودي من أجل السلام” بأنه تنفيذ لخطة “مشروع إستر” لمؤسسة التراث، الهادفة إلى “تفكيك حركة التضامن مع فلسطين” تحت شعار مكافحة معاداة السامية.

التحديات القانونية المتوقعة

روبيو أقر بأن أي تصنيف للإخوان أو “كير” سيواجه تحديات قضائية، مشيراً إلى أن الجماعة ليست كياناً موحداً بل شبكة أفرع مستقلة في دول عدة، ما يتطلب صياغة دقيقة للقرار كي يصمد أمام الطعون.

الخبراء القانونيون يحذرون من أن استهداف مؤسسة أمريكية غير ربحية مثل “كير” قد يفتح مواجهة قضائية معقدة، تتطلب من وزارة العدل تقديم أدلة ملموسة على دعم الإرهاب، وهو ما لم يتوفر في المحاولات السابقة.

قد يعجبك ايضا