إغلاق الحكومة الفيدرالية الأميركية: تسريح محتمل لـ750 ألف موظف
أغلقت الحكومة الفيدرالية أبوابها فجر الأربعاء بعد فشل القادة في الكونغرس في التوصل إلى اتفاق تمويل طارئ قبل انقضاء مهلة الأول من أكتوبر، ما يضع الولايات المتحدة أمام مواجهة إدارية قد تطول بلا مسار تفاوضي واضح.
وانتهى المشهد إلى تلاسن اتهامات سريعة بين الحزبين، فيما تستعد إدارة البيت الأبيض للاستفادة من الإغلاق لإعادة تشكيل الهرم البيروقراطي وفق أولوياتها.
وقد انتهت المهلة القانونية لتمرير مشاريع قوانين الإنفاق للسنة المالية الجديدة من دون إقرار أي تخصيصات، فتوقف العمل بالتمويل الفيدرالي عند الساعة 12:01 صباحًا.
القيادة التنفيذية والنواب الكبار تحادثوا في اللحظات الأخيرة في البيت الأبيض، لكن النقاشات لم تنجح في ولادة اتفاق، وخرج المشاركون بلا تقدم، في حين بدأ سريان إجراءات إغلاق أعدّتها إدارة مكتب الإدارة والميزانية مساء الثلاثاء.
حجم الضرر الاجتماعي والوظيفي
يقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن نحو 750 ألف موظف فيدرالي قد يواجهون إجازات قسرية أو توقفاً مؤقتاً عن العمل، على غرار تجارب إغلاقات سابقة.
وحذرت الإدارة من أن الإغلاق قد يُستخدم كفرصة لإلغاء وظائف بشكل دائم، إذ طلب مكتب الإدارة والميزانية من الوكالات إعداد قوائم بالبرامج والوظائف التي يمكن الاستغناء عنها نهائيًا، بدلاً من الاكتفاء بوضع الموظفين في إجازة مؤقتة كما جرت العادة.
وقد بدأت الأزمة بخلاف حول تضمين تمديد إعانات الرعاية الصحية (متعلقة بامتيازات أوباما كير) في أي قرار استمرار للحكومة. الديمقراطيون طالبوا بتمديدات محددة لتلك الإعانات مقابل دعم قرار استمرار تمويل الحكومة.
بينما شدّد كثير من الجمهوريين على ضرورة إبقاء قرار الاستمرار “نظيفًا” — أي دون شروط إضافية — تمويلًا للحكومة أولًا ثم النقاش حول أية مطالب أخرى لاحقًا.
وقد أشار الرئيس دونالد ترامب في البداية إلى انفتاح على التفاوض حول الرعاية الصحية ثم شن هجمات لفظية على قادة الديمقراطيين عبر وسائل التواصل، ما زاد من الاحتقان.
كما لعبت حملة فيديوهات معدلة تسيء لزعماء الديمقراطيين دورًا في تصعيد التراشق الإعلامي، بينما اتّهم كل طرف الآخر بتحمّل مسؤولية الإغلاق. بعض الجمهوريين اقترحوا أن تُجري المحادثات بعد ضمان بقاء الحكومة مفتوحة، في حين أصر الديمقراطيون على ربط أي تمويل بتمديدات للرعاية.
تداعيات اقتصادية وإعلامية
الإغلاقات الحكومية التاريخية أثّرت سابقًا على الناتج الاقتصادي وأسفرت عن خسائر متراكمة؛ كما أن تعطّل مكاتب إحصائية سيؤخر صدور بيانات اقتصادية مهمة — مثل تقرير التوظيف الشهري — مما يترك صانعي السياسة والمستثمرين “في الظلام” قبل اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة.
وساد تريّب في الأسواق مع ارتفاع احتمال الإغلاق، إذ ينتظر المستثمرون وضوحًا لتقييم المخاطر.
إعلامياً وسياسياً، تترك الإغلاقات أثراً على ثقة الجمهور؛ استطلاعات حديثة أشارت إلى ميل الناخبين لإلقاء اللوم على الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، وهو عامل قد يؤثر على الحسابات السياسية المستقبلية.
والمسار الأقصر لتفادي تداعيات أوسع هو اتفاق مؤقت يفتح أبواب الحكومة فورًا ثم يعود الطرفان لمفاوضات حول ملف الرعاية الصحية والمطالب الأخرى.
أما السيناريو الأسوأ فيرتبط بإغلاق ممتد أو استخدامه كذريعة لتسريح دائم لموظفين فدراليين أو إعادة هيكلة واسعة تقوض عودة التشغيل الطبيعي للخدمات الحكومية.