ترامب يربط تخفيف العقوبات على تركيا بخفض تجارة النفط الروسية
فتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نافذة مشروطة أمام أنقرة لرفع جزء من العقوبات الأميركية، مشترطًا – وفق ما أكدته مصادر مطلعة – خفض تركيا مشترياتها من النفط الروسي إلى حدٍّ ملموس.
ونُقلت الرسالة خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، وأعاد ترامب التأكيد علنًا: «أود أن يتوقف عن شراء أي نفط من روسيا بينما تواصل روسيا عدوانها على أوكرانيا»، مع تلميح بإمكان التحرك على مسار العقوبات إذا تجاوبت أنقرة.
وبحسب موقع Middle East Eye، ربط ترامب بشكل مباشر مسألة الواردات التركية من النفط الروسي بإمكانية تخفيف العقوبات المفروضة منذ 2020 بسبب شراء أنقرة منظومة S-400 الروسية.
ويشير التقرير إلى أن البيت الأبيض يرى في النفط مجالًا أسرع للخطوات التركية مقارنة بملف الغاز الأشد حساسية بنيويًا لاقتصاد تركيا.
وتؤكد بيانات LSEG (رويترز) واقعية الورقة التي يضغط بها البيت الأبيض: فتركيا كانت ثاني أكبر مشترٍ عالميًا لخام الأورال الروسي المنقول بحرًا بعد الهند؛ إذ اشترت 1.6 مليون طن في يونيو/حزيران، مع تراجع أولي إلى نحو 1.2 مليون طن في سبتمبر/أيلول وسط ضغوط أميركية وتنافس خامات بديلة وقيود سعريّة.
أي عقوبات يمكن رفعها… وأيّها أعقد؟
يُميِّز المسؤولون الأميركيون بين مسارين:
عقوبات CAATSA على رئاسة الصناعات الدفاعية التركية (SSB) ومسؤوليها (حظر تراخيص تصدير، قيود تأشيرات وتجميد أصول). هذه قابلة لخطوات تنفيذية أسرع إذا شهدت واشنطن تغييرًا جوهريًا في تعاملات تركيا مع قطاع الدفاع الروسي – وهو ما يملك الرئيس أدوات قانونية للتعاطي معه بشهادات إلى الكونغرس.
قيود NDAA 2020 الخاصة ببرنامج F-35، وهي أعقد لأنها تشريعية ولا تتضمن إعفاءً رئاسيًا مباشرًا لإعادة تسليم الطائرات، ما يجعلها أصعب على الالتفاف حتى لو قررت الإدارة مكافأة أنقرة.
ونقلت وكالة رويترز أن ترامب يتوقع استجابة تركية لوقف شراء النفط الروسي، ملمحًا إلى أن ذلك قد يفتح بدوره مسارًا لصفقات دفاعية كانت مجمّدة، على رأسها ملف F-35 الذي تسعى أنقرة للعودة إليه أو الحصول على تسوية مالية مقابله.
ردّ أنقرة: النفط ممكن… الغاز «خط أحمر»
على الضفة التركية، تبدو براغماتية أردوغان واضحة: فبينما قد تُظهر أنقرة مرونة تدريجية في النفط، يؤكد الرئيس التركي أن المساس بالغاز «مستحيل» في الوقت الراهن، إذ يعتمد نحو ربع مزيج الطاقة في تركيا على الغاز الروسي مع نسبة أعلى لقطاع الكهرباء والأُسر.
لذا يراهن صانع القرار التركي على تقليص نفطي محسوب مقابل مكاسب في الانفتاح الدفاعي الأميركي، مع إبقاء خطوط الغاز خارج المساومة.
وتسعى إدارة ترامب إلى تجفيف إيرادات موسكو النفطية عبر إقناع الحلفاء بخفض المشتريات، وقد وجّه رسائل علنية مماثلة داخل الناتو.
وتمثل تركيا – بحكم موقعها ودورها العابر للطاقة – رافعة ضغطٍ رمزية وعملية في آن، خصوصًا أن أي خفض تركي مرئي في واردات الأورال يضيف إلى أثر سقف الأسعار الأوروبي-البريطاني وسياسة الغرب لتقييد إيرادات الحرب.
حسابات تركيا: فواتير الطاقة وسلاسل السلاح
اقتصاديًا، يخفّف خفض مشتريات الأورال ضغط النقد الأجنبي على أنقرة إذا عوّضته واردات بديلة بكلفة تنافسية، لكن المخاطرة تكمن في اتساع فجوة الإمداد أو ارتفاع فواتير التكرير واللوجستيات.
سياسيًا، ترى أنقرة في تخفيف CAATSA وسيلة لإزالة «أثر مرعِب» على صفقات صناعتها الدفاعية، ولا سيما أن SSB تتصدر لوائح التوريد والبحث المشتركة مع شركات أميركية وأوروبية.
وفي خلفية المشهد، تظل برامج حسّاسة مثل F-16 (محركات ومكونات) واحتياجات قطع الغيار بقيمة تُقدَّر بعشرات المليارات رهينة إيقاع الانفراج – أو التعثّر – في المقايضة النفطية/العقوبات.