المحافظون البريطانيون على خطى ترامب: 7 سياسات «منسوخة» لمواجهة صعود فاراج
في سباقٍ محموم لاستعادة زمام المبادرة أمام شعبوية حزب «الإصلاح» بزعامة نايجل فاراج، تبنّى المحافظون في مؤتمرهم بمانشستر حزمة سياساتٍ تُحاكي—بدرجاتٍ متفاوتة—أجندة دونالد ترامب.
ورغم أن التيار المحافظ البريطاني كان تاريخياً أكثر «ليبرالية كلاسيكية» من نظيره الجمهوري، فإن وضع المعارضة اليوم يدفع الحزب إلى اقتباس وصفات قاسية على الحدود والهجرة والإنفاق والمناخ.
وفيما يلي تفصيل السياسات السبع ورسائلها السياسية ومكامن اصطدامها بالمؤسسات البريطانية:
1) «قوة إبعاد» على غرار ICE
تعِد القيادة المحافظة بإنشاء قوة ترحيل متخصصة تتعامل مع الإبعاد واسع النطاق للمهاجرين غير النظاميين—بمعدل معلَن يصل إلى 150 ألف حالة سنوياً. النموذج يستلهم وكالة ICE الأميركية التي توسّعت في عهد ترامب.
غير أن تفاصيل «إلى أين يُرحَّلون؟» تظل غامضة، كما أن قانون الهجرة البريطاني والقيود القضائية سيجعلان التنفيذ مختلفاً عملياً عمّا جرى في الولايات المتحدة—حتى باعتراف شخصيات داخل الحزب.
2) الخروج من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان
لتجاوز قيود المحاكم على سياسات الحدود، يلوّح المحافظون بفك الارتباط مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان—في خطوةٍ ستضع بريطانيا في نادي روسيا وبيلاروسيا خارج المنظومة.
والخطوة تتناغم مع نزعة ترامب المناوئة للأطر متعددة الأطراف، لكنها تصطدم بإرثٍ محافظ (تشرشل نفسه رعى المنظومة) وبأسئلة قانونية وسياسية عميقة تمس اسكتلندا وإيرلندا الشمالية والعلاقات مع أوروبا.
3) التراجع عن سياسات المناخ
رغم شعار الشجرة الزرقاء، يقترح الحزب إلغاء قانون تغيّر المناخ وخفض كُلَف الانتقال الطاقي عبر إلغاء ضريبة الكربون على مولدات الكهرباء وإعادة تصميم دعم طاقة الرياح. التشابه هنا واضح مع انسحاب ترامب من اتفاق باريس وشعار «احفروا أكثر». الاختبار سيكون اقتصادياً/استثماريّاً: كيف تحافظ بريطانيا على جاذبيتها الخضراء والوظائف المرتبطة بها مع إبطاء التشريعات المناخية؟
4) تسييس الخدمة المدنية
يريد المحافظون تكثير المعيّنين السياسيين داخل الوزارات لدفع الأجندة التنفيذية—لا سيما في الداخلية لتنفيذ الترحيلات—بدلاً من الاعتماد حصراً على جهازٍ مهني محايد. هذا يعكس نزعة «ترمبية» لإخضاع البيروقراطية للسلطة السياسية المباشرة. لكن بريطانيا بُنِيت على فصلٍ صارمٍ و«أذرعٍ ذرّية» مستقلة؛ أي محاولة اقتحامٍ واسع قد تستنفر المحاكم والأعراف الدستورية.
5) «عملية دوج»: مقصٌّ واسع على الإنفاق
تحت راية «المسؤولية المالية»، يقترح الحزب خفضاً بنحو 47 مليار جنيه، منها 23 ملياراً من الرعاية الاجتماعية، مع مهاجمة وعود «الإصلاح» بوصفها متهورة. غير أن ذاكرة الأسواق لا تنسى «الميزانية المصغّرة» لحكومة ليز تراس في 2022. أي تقشّف جديد سيُقاس بميزان دقيق من مصداقية التمويل وتداعياته على النمو والفقر.
6) «الحرب مع القانون»: كبح القضاء ونسف مجلس الأحكام
يتعهّد رموز في الحزب بمواجهة «القضاة الناشطين» وإلغاء مجلس الأحكام لصالح وصاية وزارية على مبادئ العقوبات، إلى جانب قوائم سوداء لرموز قضائية تُتَّهَم باللين في الهجرة. هذا يحاكي هجمات ترامب المتكررة على القضاء، لكنه يجرّ بريطانيا إلى صدامٍ مع استقلالية السلطة القضائية—إحدى ركائز النظام السياسي منذ إصلاحات «العمّال الجدد».
7) تقليص المساعدات إلى 0.1% من الدخل القومي
بعد هبوط السقف من 0.7% إلى 0.5% إبّان الجائحة، يَعِد المحافظون الآن بـ0.1% لتوفير نحو 7 مليارات جنيه—نسخة محلية من أجندة «أميركا أولاً» التي قلّصت الذراع الإنمائية الأميركية. المكسب المالي قصير المدى قد يقابَله كلفة استراتيجية على نفوذ لندن وشراكاتها، ناهيكم عن انتقادات المنظمات الإنسانية.
لماذا الآن؟ وما المأزق؟
الدافع الانتخابي: توحيد قاعدة اليمين واستعادة ناخبي «الإصلاح» حتى لو نفّرت الوسط المتحفظ على «ترمبة» الخطاب.
الاختبار المؤسساتي: كثير من التعهّدات يصطدم بالمحاكم، وبالقانون الدولي/الأوروبي، وبالإدارات اللامركزية.
الاقتصاد أولاً: أي مشروع ينهض أو يسقط على مصداقية التمويل. حادثة 2022 ستظل مرآةً يراقب عبرها المستثمرون كل رقمٍ ووعد.