الاتحاد الأوروبي يحثّ مجموعة السبع على ردّ منسَّق على قيود الصين في المعادن النادرة
صعّد الاتحاد الأوروبي لهجته حيال أحدث القيود الصينية على صادرات العناصر الأرضية النادرة ومغناطيساتها، داعيًا إلى ردّ مشترك مع مجموعة السبع لتفادي اختناقات أوسع في سلاسل التوريد الدفاعية والتكنولوجية والأخضرّة.
وقال مفوّض التجارة الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، قبيل اجتماع وزراء تجارة الاتحاد في الدنمارك، إن الخطوة الصينية تمثّل «توسّعًا دراماتيكيًا» في قائمة المواد المقيدة و«مصدر قلق بالغ»، معلنًا مساعٍ لترتيب مكالمة عاجلة لوزراء تجارة مجموعة السبع لتنسيق الموقف.
وخلال الأيام الماضية، وسّعت الصين نطاق ضوابط التصدير لتشمل مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة وموادها الخام، وفرضت متطلبات ترخيص تمتد حتى الحالات التي تُستخدم فيها كميات ضئيلة من عناصر صينية في المنتج النهائي.
وتنتج بكين نحو 90% من مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة عالميًا، والمستخدمة في المحركات الكهربائية لتوربينات الرياح والسيارات، وكذلك في تطبيقات دفاعية حساسة؛ ما يمنحها نفوذًا كبيرًا على سلاسل الإمداد الغربية. ([Reuters][2])
وتقول الصين إن القيود مبرَّرة لأسباب أمن قومي وتندرج ضمن صلاحياتها التنظيمية، لكنها أثارت قلقًا واسعًا في الغرب، لا سيما أنها تُضاف إلى حزمة تقييدات سابقة طالت الجاليوم والجرمانيوم والجرافيت، وكلّها حيوية لأشباه الموصلات والبطاريات والدفاع.
بروكسل وواشنطن تدفعان نحو موقف موحّد
أكد شيفتشوفيتش أنه بحث الملف مع وزير التجارة الأميركي، على أن يلي ذلك تنسيق داخل مجموعة السبع حول خيارات الردّ—من تنويع مصادر الإمداد والاستثمارات المشتركة في التعدين والتكرير، إلى أدوات سياساتية جديدة تضمن شفافية الترخيص وعدم التمييز.
وأفاد بأن الهدف الأوروبي هو «حماية المصلحة العامة الأوروبية وعدم الإضرار بالصناعة»، مع إبقاء كل الخيارات مفتوحة رهن تقييم الأثر.
على الجانب الأميركي، صعّدت الإدارة خطابها؛ إذ لوّح الرئيس دونالد ترامب برسوم تصل إلى 100% ردًا على القيود الصينية، قبل أن تشير وزارة الخزانة إلى مسار تهدئة مع استمرار قنوات الحوار تحضيرًا للقاء مرتقب بين ترامب وشي جين بينغ هذا الشهر.
لكن التهديدات تُبرز حجم التوتر واحتمال اتساع المواجهة التجارية إن لم تُضبط.
موقف أوروبي أكثر حزماً
دعت الدنمارك، التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، إلى «الرد بحزم» وإظهار قوة الاتحاد «بوصفه أكبر كتلة تجارية في العالم»، مع تأكيد التلاقي مع الولايات المتحدة في هذا الملف.
ويعكس ذلك مزاجًا أوروبيًا متزايد التشدد، مدفوعًا بمخاوف على القدرات الصناعية وسياسات التحول الأخضر، خاصة أن القيود تمسّ مكونات محورية في التوربينات والسيارات الكهربائية والدفاع.
في الوقت نفسه، ترى المفوضية والعديد من العواصم أن التصعيد الجمركي ليس الخيار الأول، مفضّلةً ردًا مُحكَمًا ومنسّقًا يوازن بين حماية سلاسل التوريد وعدم إشعال حرب تجارية شاملة.
لهذا تدفع بروكسل باتجاه تنويع القاعدة الصناعية وسلاسل القيمة ضمن مبادرات المواد الخام الحرجة، إلى جانب آليات ضد الإكراه الاقتصادي، تحسّبًا لتكرر استخدام المواد الاستراتيجية كورقة ضغط. ([Reuters][1])
ويُذكّر مسؤولو الاتحاد بأن العناصر الأرضية النادرة ومغناطيساتها «مكوّن أساسي في كل ما يحمل عنصرًا رقميًا تقريبًا»—من المحركات عالية الكثافة إلى الأقمار الصناعية وأنظمة التوجيه—ما يجعل أي تعطل في الإمدادات مضاعِفًا للصدمات عبر قطاعات متعددة.
وبحسب تقديرات صناعية، فإن الترخيص الصيني خارج الحدود—الذي قد يطال منتجات مصنوعة خارج الصين لكنها تحتوي على مدخل صيني—يخلق عدم يقين قانونيًا للشركات الأوروبية والأميركية على السواء.
ما الخطوة التالية؟
على المدى القريب، يدفع الاتحاد لعقد اجتماع افتراضي لمجموعة السبع لتنسيق الاستجابة، مع اتصال مباشر مرتقب بين شيفتشوفيتش ونظيره الصيني الأسبوع المقبل لطلب إيضاحات تقنية وتأكيدات على سرعة وشفافية الترخيص.
وفي حال غياب تقدّم ملموس، يُرجّح الأوروبيون الانتقال إلى حزمة أدوات جماعية تشمل تسريع مشاريع الاستخراج والتكرير خارج الصين وتوسيع الشراكات مع دول آسيوية وإفريقية وأميركية لاتينية.
وبالمحصلة تتحرك بروكسل وواشنطن نحو جبهة واحدة لامتصاص الصدمة ومنع اتساعها، مع الحفاظ على قنوات حوار مفتوحة لتفادي انزلاق الأسواق إلى مزيد من الاضطراب.
لكن طالما بقيت الصين تملك اليد العليا في التكرير والمغناطيسات، فإن تأمين بدائل على نطاق صناعي سيبقى سباقًا مع الزمن—سباقًا لا يحتمل أخطاء في الحساب أو انفلاتًا في التصعيد.