إسبانيا تعيد فتح ملف إلغاء التوقيت الصيفي في الاتحاد الأوروبي

بعد سبع سنوات على إعلان المفوضية الأوروبية نيتها إنهاء تبديل الساعة الموسمي، تعود إسبانيا لقيادة محاولةٍ جديدة لدفع الاتحاد الأوروبي إلى تنفيذ الوعد المؤجَّل.

وقال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز صراحةً إنه «لم يعد يرى أي جدوى» من الاستمرار في تقديم وتأخير الساعات، فيما أكد وزير الدولة للطاقة خوان غرويثارد أن مدريد طلبت إدراج الملف على جدول اجتماعات الوزراء في لوكسمبورغ، رغم أنه لم يكن مدرجًا سلفًا.

لماذا الآن؟

يستند التحرك الإسباني إلى ثلاث حجج مترابطة:

1. الصحة العامة: دول شمالية كفنلندا وبولندا حذرت مرارًا من آثار التغيير على إيقاع الساعة البيولوجية لما يصل إلى 20% من السكان، مع مؤشرات على اضطرابات النوم وارتفاع طفيف في حوادث الطرق وإجهاد العمل في أسبوع التحويل.

2. الطاقة: الأدلة الحديثة تشكك في وفورات ملموسة من تبديل الساعة في ظل تغير مزيج الطاقة (طاقة متجددة، كفاءة أعلى، وأجهزة ذكية)، بل قد يتحول الأثر إلى زيادة في استهلاك التدفئة صباحًا أو التبريد مساءً حسب الفصول.

3. تجربة المستهلك والسوق: تسبّب التحويلات المتكررة في تشويش لوجستي على النقل الجوي والسككي والرقمي، وتكاليف مواءمة في الأنظمة والجدولة وسلاسل التوريد والخدمات عبر الحدود داخل السوق الموحدة.

العقدة السياسية

كانت المفوضية قد طرحت في 2018 إنهاء تغييرات التوقيت الموسمية، وحدّد جان-كلود يونكر آنذاك أكتوبر 2019 سقفًا للتنفيذ.

لكن الانقسام بين العواصم عطّل المسار: البرتغال واليونان اعترضتا، فيما طالبت دول أخرى بفترة انتقالية وحزمة أثر مُفصّلة، وسأل بعض القادة: من يختار «التوقيت الدائم» بعد الإلغاء—الصيفي أم الشتوي؟ لأن تَبنّي كل دولة خيارًا مختلفًا قد يفكّك اتساق الزمن القانوني ويضرّ بالسوق الموحدة والنقل العابر للحدود.

اليوم، يحتاج سانشيز إلى بناء تحالف أغلبية مؤهلة داخل المجلس (15 دولة على الأقل تمثل 65% من سكان الاتحاد) لتمرير موقف تفاوضي يُحيي المبادرة. المهمة ليست سهلة: بعض العواصم تفضّل حذرًا إضافيًا خشية «فسيفساء زمنية» جديدة إن اختارت دولٌ التوقيت الصيفي الدائم وأخرى الشتوي.

ما الخيارات على الطاولة؟

إنهاء التغيير مع توحيد الإطار: تبنّي «توقيت قياسي دائم» على مستوى الاتحاد (مرجّحًا التوقيت الشتوي بوصفه القانوني الأساس)، مع السماح بهوامش معقولة لاختلاف المناطق الزمنية القائمة.

نهج مرحلي بآثار مُقاسة: تحديد موعد إلغاء مُوحّد في 2027 مثلًا، يسبقه عامان من جمع بيانات الطاقة والصحة والنقل، وتجارب محلية مضبوطة في بعض الدول.

تجربة إقليمية منسّقة: إن تعذّر الإجماع، يمكن لتحالفٍ من دول المتوسط أو الشمال إطلاق «كتلة متطوعة» تتبنى الإلغاء مع الحفاظ على التناسق فيما بينها، بهدف إقناع بقية الأعضاء لاحقًا.

العِبرة الصحية والاقتصادية

الدافع الصحي قوي: الأطباء وخبراء النوم يفضّلون عمومًا ثبات التوقيت وتقليل الصدمات البيولوجية الموسمية، مع ميل علمي لصالح التوقيت الشتوي الدائم لأنه أقرب إلى ضوء الصباح الطبيعي (ما يحسّن الانتباه المدرسي والمهني ويخفض المخاطر الصحية).

اقتصاديًا، الكلفة غير المباشرة للتحويل نصف السنوي—من أخطاء الجداول، وتراجع إنتاجية الأسبوع الأول، وتصحيح الأنظمة—تُعدّ «ضريبة صامتة» تتكرّر بلا مكسب واضح.

عقدة «وحدة السوق»… وكيف تُحل

أكبر مخاطر الإلغاء ليست في المبدأ، بل في التنفيذ غير المتناسق: إذا اختارت دولة التوقيت الصيفي الدائم وأخرى الشتوي، قد نرى فجوات زمنية جديدة بين جيرانٍ يتشاركون خطوط السكك أو مسارات الطيران المزدحمة. لذا، تطرح مدريد ومعها مؤيدون ضرورة حزمة تنسيق تشمل:
تواريخ تنفيذ موحَّدة.

التزامًا سياسيًا بتجنّب «فسيفساء التوقيت».

خطة اتصال عامة وخرائط تحويل رقمية موحدة للقطاع الخاص.

ماذا بعد؟

سيقيس اجتماع لوكسمبورغ شهية العواصم للعودة إلى هذا الملف المؤجل. إن نجحت إسبانيا في انتزاع «تكليف رسمي» للمفوضية بإحياء النصّ وصياغة جدول زمني واقعي مع تقييمات أثر مُحدَّثة، فقد يعود المشروع إلى مساره قبل نهاية الدورة التشريعية.

أما إن بقي الخلاف على خيار «التوقيت الدائم» وسلّم التنفيذ، فسنشهد على الأرجح تأجيلًا ثامنًا—وسنحرّك العقارب مجددًا هذا الأسبوع… بانتظار قرارٍ أوروبي يثبتها في مكانها.

قد يعجبك ايضا