سياسات الهجرة الأمريكية تُقوّض السلامة العامة وتعرّض الضحايا للخطر

حذّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية من أن سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إنفاذ قوانين الهجرة تُضعف حماية ضحايا الجرائم، وتعرّض المجتمعات للخطر من خلال الحدّ من تعاون المهاجرين مع سلطات إنفاذ القانون.

جاء ذلك في تقرير موسع من 50 صفحة بعنوان “نحن بحاجة إليك: كيف تبني تأشيرة U الثقة، وتواجه الخوف، وتعزز سلامة المجتمع”، انتقد فيه التقرير الإجراءات الصارمة للترحيل، مشيرًا إلى أنها تقوّض برامج التأشيرات الفيدرالية التي تمنح ضحايا الجرائم إقامة قانونية مقابل تعاونهم مع الشرطة أو أي جهة إنفاذ قانون معتمدة.

وأشار التقرير إلى أن توجيهات إنفاذ القانون المعدلة تسمح لمسؤولي إدارة الهجرة والجمارك (ICE) باعتقال الأشخاص في أماكن كانت تُعد آمنة سابقًا، مثل المحاكم والمراكز الصحية، وهو ما يُعتبر رادعًا قويًا للمهاجرين الذين قد يفكرون بالإبلاغ عن الجرائم أو طلب أوامر حماية.

وقالت سارة داريشوري، مستشارة هيومن رايتس ووتش وكاتبة التقرير: “على الرغم من الخطاب القوي حول مكافحة الجريمة، فإن إجراءات وسياسات إدارة ترامب التنفيذية تُفيد المعتدين، مما يقلل من احتمالية القبض عليهم ومحاكمتهم. إذا كانت الإدارة جادة في مكافحة الجريمة، فستعمل على توسيع وتحسين برامج التأشيرات التي تسمح للضحايا بالتقدم دون خوف من الترحيل”.

يُذكر أن الكونغرس أنشأ تأشيرة U عام 2000 لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، إدراكًا منه أن النساء والأطفال غير الموثقين معرضون بشكل خاص للإساءة، ومن غير المرجح أن يبلغوا عن الجرائم خوفًا من الترحيل. ويتيح البرنامج للناجين من الاغتصاب والعنف المنزلي والاتجار بالبشر و25 جريمة أخرى الحصول على إقامة قانونية إذا تعاونوا مع جهات إنفاذ القانون، وتعرضوا لإساءة جسدية أو نفسية جسيمة، وكانوا مؤهلين لدخول الولايات المتحدة.

ويهدف البرنامج إلى ضمان عدم قدرة المعتدين على استغلال تهديد الترحيل لمنع الضحايا من اللجوء إلى الشرطة، وبالتالي تعزيز قدرة السلطات على التحقيق وملاحقة مرتكبي الجرائم.

وأجرى الباحثون 43 مقابلة بين مايو وأكتوبر 2025 مع مسؤولي إنفاذ القانون ومحامي الهجرة والمدافعين وضحايا الجرائم من جميع أنحاء البلاد لفهم تأثير البرنامج بشكل أفضل.

وفي إحدى الحالات، تعرضت امرأة للاعتداء من قبل صديقها في يونيو/حزيران 2023، حيث لكمها وجرح يدها ووجهها بسكين، وضربها بزجاجة، وخنقها حتى فقدت الوعي، مهددًا إياها بالقتل. وقد استجمعت شجاعتها للإبلاغ عن الجريمة للشرطة أثناء تلقيها العلاج في المستشفى، وهي الآن تنتظر الحصول على تأشيرة U الخاصة بها.

وأكدت داريشوري أن “المعتدين يستخدمون تهديدات الترحيل والانفصال عن الأطفال لمنع ضحاياهم من طلب المساعدة. إن أساليب التنفيذ العدوانية التي تنتهجها إدارة الهجرة تجعل الناجين أكثر ترددًا من أي وقت مضى في الوصول إلى المساعدة التي يحتاجون إليها”.

ودعم استطلاع رأي أجراه تحالف الناجين من المهاجرين المخاوف من أن ممارسات إنفاذ القانون الحالية منحت المعتدين أداة قوية للسيطرة على ضحاياهم، حيث أفاد أكثر من 75% من 170 محاميًا ومدافعًا عن حقوق الإنسان أن موكليهم يخشون الاتصال بالشرطة، فيما أشار أكثر من 70% إلى مخاوف تتعلق باللجوء إلى المحكمة في قضاياهم.

وتشير الدراسات إلى أن فوائد برنامج تأشيرة U تتجاوز العنف المنزلي ومجتمعات المهاجرين، إذ ترتبط الجرائم العنيفة داخل المنزل بمجموعة واسعة من الجرائم الأخرى، بما في ذلك السرقة، والقتل، والسطو، وجرائم الكراهية، والاعتداءات الجنسية من قبل غرباء، مع وجود ضمانات لكشف أي ادعاءات كاذبة.

ورغم أهميته، يواجه البرنامج تحديات كبيرة؛ فعدد التأشيرات محدود، ويستغرق الحصول عليها سنوات، وتمتلك جهات إنفاذ القانون سلطة تقديرية واسعة في تحديد إصدار الشهادات اللازمة لقبول الطلبات.

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن برنامج تأشيرة U يظل أداة أساسية لحماية سلامة الناس في الولايات المتحدة، وللوفاء بالالتزامات الحكومية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي. ودعت المنظمة الكونغرس إلى تعزيز البرنامج وتوسيع نطاقه لتوفير حماية أكبر للضحايا.

وقالت سالوني سيثي، مفوضة مكتب عمدة نيويورك لمكافحة العنف المنزلي: “تساعد تأشيرة U على كسر حاجز الخوف الذي يمنع الناجيات من طلب المساعدة، وتمكّنهن من دعم التحقيقات دون تعريض سلامة أسرهن للخطر. تعزيز البرنامج وتبسيط إجراءات التقديم سيسمح لمزيد من الناجيات بالحصول على الدعم الذي يستحقونه، ويسهم في جعل نيويورك أكثر أمانًا”.

قد يعجبك ايضا