واشنطن بوست: أمريكا تفقد تفوقها السيبراني بعد تعليق الهجمات السيبرانية على روسيا
قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن الولايات المتحدة الأمريكية فقدت تفوقها السيبراني بعد تعليق الرئيس دونالد ترامب الهجمات السيبرانية على روسيا.
وذكرت الصحيفة أن ترامب بتقديم التنازلات، يخاطر بالتخلي عن النفوذ في مجال لا تزال الولايات المتحدة مهيمنة فيه.
واعتبرت أن “التراجع” هو أمر عسكري يخشاه القادة، لكنه تحديدًا ما أمر به وزير الدفاع بيت هيغسيث، حيث أصدر توجيهات لقيادة العمليات السيبرانية الأمريكية بوقف أنشطتها ضد روسيا، في إطار مساعي ترامب لاستمالة الكرملين من أجل إبرام اتفاق سلام مع أوكرانيا.
ووفقًا لما كشفه موقع The Record يوم الجمعة، فإن هذا القرار قد يكون أوضح دليل على حماسة ترامب للتقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد أثار القرار قلق نصف دزينة من كبار المسؤولين الأمنيين السابقين الذين تحدثت إليهم يوم الاثنين.
ورفض البنتاغون التعليق على التقرير، مكتفيًا بالقول إنه لا يناقش “الاستخبارات السيبرانية أو الخطط أو العمليات”.
ويؤكد المسؤولون أن القرار ليس خطيرًا بحد ذاته، إذ إن مثل هذه التنازلات تُستخدم أحيانًا في المساعي الدبلوماسية، حيث تلجأ الولايات المتحدة إلى إلغاء تدريبات عسكرية أو وقف طلعات جوية استفزازية لدعم المفاوضات.
وبالفعل، أوقف ترامب سابقًا عمليات سيبرانية هجومية خلال قممه مع كوريا الشمالية في 2018 و2019.
لكن الحذر واجب، لأن العمليات السيبرانية تمثل أحد أهم الأسلحة في ترسانة الأمن القومي اليوم، فهي أداة حاسمة في جمع المعلومات الاستخباراتية، ويمكنها شلّ قدرات الخصوم عسكريًا واقتصاديًا. ومن خلال تقديم تنازلات في هذا المجال، يخاطر الرئيس بالتخلي عن النفوذ الأمريكي في ساحة لا تزال واشنطن تتفوق فيها على كل من روسيا والصين.
ومن الصعب فهم التهديد السيبراني نظرًا للطابع السري لنشاطات قيادة العمليات السيبرانية ووكالة الأمن القومي الأمريكية. لكن بعض الأسس وُضِعت في مقال نُشِر في Foreign Affairs عام 2020 بقلم الجنرال بول ناكاسوني، الذي كان حينها قائد العمليات السيبرانية ورئيس وكالة الأمن القومي، ومستشاره مايكل سولماير.
وأوضح المقال أن الولايات المتحدة تتبع استراتيجية “الاشتباك المستمر”، أي أن المواجهة في الفضاء السيبراني ليست مجرد حالة حرب أو سلم، بل أشبه بمقياس يمكن ضبطه صعودًا أو هبوطًا. ويشير مسؤولون إلى أن هذا المقياس يكون عادة عند المستوى الثالث من عشرة.
بعبارة أخرى، نحن في حالة حرب سيبرانية منخفضة المستوى باستمرار مع روسيا والصين. إذ تعمل وكالة الأمن القومي وقيادة العمليات السيبرانية بشكل دائم داخل الأنظمة الروسية، حيث تجمع المعلومات، وترصد التهديدات، وتزرع أدوات استعدادًا لاستخدامها في المستقبل.
وقال مسؤول سابق: “نبقى منخرطين. نبقى داخل الشبكات. نراقب البرمجيات الخبيثة التي يطورونها”. وأحيانًا، كما في مواجهة حملة التخريب الروسية ضد داعمي أوكرانيا في حلف الناتو العام الماضي، ربما تكون الولايات المتحدة قد شنت هجمات سيبرانية هجومية لتعطيل التهديدات.
في المقابل، تواصل روسيا والصين شن هجمات سيبرانية ضد الولايات المتحدة، وغالبًا ما تكون لها تأثيرات مدمرة.
وتظهر تقارير مايكروسوفت مدى خطورة عمليات الاختراق التي تنفذها روسيا، حيث قامت مجموعة الاستخبارات الروسية المعروفة باسم Midnight Blizzard باختراق مئات المنظمات الحساسة خلال العامين الماضيين.
كما نفذت الصين هجمات سيبرانية معروفة باسم Salt Typhoon وVolt Typhoon، استهدفت شركات الاتصالات والبنية التحتية الأمريكية.
ولا يعرف الخبراء السيبرانيون بالضبط مدى تأثير أمر هيغسيث، لكنه يبدو أنه يقتصر على عمليات القرصنة الهجومية الخاصة بقيادة العمليات السيبرانية، دون أن يمسّ بجمع المعلومات الاستخباراتية الذي تقوم به وكالة الأمن القومي.
إلا أن الوكالتين مترابطتان بشكل وثيق، حيث تخترق وكالة الأمن القومي الشبكات الروسية لجمع المعلومات، وخلال هذه العملية، قد تكتشف تهديدًا أو ثغرة وتشاركها مع قيادة العمليات السيبرانية.
وفي بعض الأحيان، يتعين على القائد المزدوج للوكالتين أن يقرر ما إذا كان سيحتفظ بمصدر المعلومات الاستخبارية أم سيقوم بتدميره.
والمخاوف تتركز حول أن القيود المفروضة على قيادة العمليات السيبرانية قد تمتد لتؤثر على عمليات وكالة الأمن القومي.