الأورومتوسطي: عرض جماجم بشرية للبيع ببلجيكا يؤكد بقاء سياسات الاستعمار

 

جنيف – رويترد عربي| قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ عرض وتسعير رفات بشرية تعود لحقبة الاستعمار بمزاد علني في بلجيكا يظهر بوضوح أنّ الدول الأوروبية ما تزال تعيش في ماضيها الاستعماري الوحشي.

ودعا المرصد في بيان صحافي الحكومة البلجيكية إلى التعامل مع إرثها الاستعماري في إطار رؤية شاملة وناقدة.

وبين أنّ رفاتًا بشرية لأشخاص أفارقة من عهد “دولة الكونغو الحرة” -التي سيطر عليها المستعمر “ليوبولد الثاني” ملك بلجيكا واعتبرها ملكًا شخصيًا له  (1885-1908)

وعُرضت أخيرًا للبيع في مزاد علني بإحدى مناطق العاصمة البلجيكية بروكسل.

وعرضت دار مزاد “Vanderkindere” قطعة رقم 405 بسعر يتراوح بين 750 و1000 يورو.

وبحسب الأورومتوسطي فإنها عبارة عن ثلاث جماجم بشرية وُضعت تحت تصنيف “Curiosa” (غريب أو مثير للاهتمام).

وعقب إزالة القطعة أخيرًا من المزاد والموقع الإلكتروني، عرضت دار المزاد مكانها رسالة اعتذار.

كُتب فيها: “نحن قطعًا لا نقبل المعاناة والإذلال اللذان عانى منهما السكان ضحايا هذه الأعمال الاستعمارية”.

وأضافت: “نُعرب مرة أخرى عن أسفنا الشديد لأي شخص تعرض للإساءة أو الأذى من بيع هذه القطعة”.

وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة بالأورومتوسطي “ميكيلا بولييزي”: “حقيقة وجود مثل هذه القطعة وتسعيرها وبيعها كقطعة فنية أمر خطير للغاية”.

وبينت أنه “يدل على سياق أوسع من التجرد من الإنسانية، والتمييز العنصري”.

وكذلك الإفلات من العقاب لماضٍ استعماري وحشي لم يعترف به بشكل حقيقي وشامل”.

وذكرت بولييزي أنّ “الماضي الاستعماري أبعد ما يكون عن كونه ماضيًا إذا كان عرض جثث الأشخاص من غير البيض ما يزال ممكنًا ومقبولًا”.

وأوضحت أنه إذا كان ما يزال ممكنًا إلى اليوم في بلد أوروبي امتهان الكرامة الإنسانية للأشخاص السود.

ودعت للسماح بترويج جثثهم وشرائها باعتبارها مقتنيات “غريبة ومثيرة للاهتمام” لإثراء المجموعات الخاصة بالأغنياء وربما البِيض”.

وكان ملك بلجيكا “فيليب” أعرب في عامي 2020 و2022 عن أسفه بشأن الأعمال الوحشية التي تعرض لها شعب الكونغو بالاستعمار.

لكنّ لم يقدم أي اعتذار رسمي أو وعود بتعويضات مالية عن الأرواح والثروات الطبيعية والثقافية المسروقة.

وأكد الأورومتوسطي عدم وجود قانون في بلجيكا يحظر عمليات البيع هذه.

وأوضح عضو الحزب الاشتراكي وزير الدولة البلجيكي توماس درمان أنّ الدولة لا يمكنها التدخل في عملية البيع.

وعزا ذلك إلى أن الجماجم تخضع لملكية خاصة وليس ملكًا لمؤسسة عامة.

وبين درمان أنّ السلوكيات تعبّر بشكل جلي عن الوحشية الناتجة عن الاستعمار، والذي يتواصل ليومنا هذا.

وأوضح أنه لإعادة إنتاج نزعة العنف وتفوق النظام الاستعماري بشكل دائم.

ويظهر على الموقع الالكتروني لمجموعة “Drouot” في باريس والتي تعد “أكبر دار مزاد علني في العالم منذ عام 1852″، قطعة.

ويشرح وصفها نفسه: “ثلاث جماجم بشرية: جمجمة ذات قواطع مدببة لشخص من آكلي لحوم البشر المتحدثين بلغة البانغالا شمال شرق الكونغو”.

وذكرت أن جمجمة الزعيم العربي “موين موهارا” الذي قتل على يد الرقيب “كاسارت” بمنطقة “أوجوي” في 9 يناير 1893 وتزينت مقدمتها بجوهرة.

وأضيف لها جزء من جمجمة جمعها الطبيب “لويس لوران” في 5 مايو/أيار 1894 من منطقة “شجرة تين الموت” في قرية “بومبيا” بمقاطعة “مونغالا”.

وتحمل ملصقات الطبيب القديمة. (المصدر: المجموعة السابقة للدكتور لويس لوران في مدينة “نامور” ببلجيكا، الفترة: القرن التاسع عشر)”.

وكان من المقرر عقد المزاد يوم الأربعاء 14 ديسمبر/ كانون أول الجاري، وعرض الرفات في دار المزاد قبلها بأيام قليلة.

وكذلك مع قطع أخرى مثل الحقائب أو المجوهرات أو اللوحات وحتى الأواني الفضية دون أدنى اعتبار لكرامة هؤلاء البشر.

وشدّد الأورومتوسطي على أنّ أي مظهر من مظاهر التفوق القائم على أساس الاختلاف العرقي زائف علميًا، ومدان أخلاقيًا، وغير عادل اجتماعيًا.

ونبه إلى أنه لا يمكن تبرير التمييز العنصري بجميع أشكاله في جميع الظروف.

وحث الأورومتوسطي الحكومة البلجيكية على تحديد جميع الرفات الخاصة بأفراد الشعوب الأفريقية خلال الحقبة الاستعمارية.

وناشد لإنشاء إطار قانوني واضح ينص على حظر التصرف الخاص بهذه الرفات.

وطالب بحفاظ الدولة البلجيكية عليها في مكان مناسب يحفظ الكرامة الإنسانية.

وذكر المرصد أنه في حال لم يطلب إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بالتشاور مع مجتمعات البلدان المعنية-.

ودعا الحكومة البلجيكية لمعالجة إرثها الاستعماري بشكل كامل ونقدي.

وحث على الاعتراف ليس فقط بانتهاكاتها الممنهجة ضد حقوق الإنسان ووحشيتها.

وأشار إلى الانتهاكات المتكررة الحالية الناشئة عن نظام الهيمنة الاستعماري.

قد يعجبك ايضا