الجنائية الدولية: هكذا تُرتكب أخطر جرائم العالم في ليبيا

دعت “فاتو بنسودا” المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية, مجلس الأمن والمجتمع الدولي, للوقوف بجانب المحكمة الجنائية وتفويضها لإنهاء الإفلات من العقاب حيال أخطر الجرائم في العالم.

وأكّدت بنسودا, التي عرضت تقريرها التاسع عشر حول الأوضاع في ليبيا, خلال الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن عبر تقنية الفيديو, أن فريق المحكمة بليبيا يواصل العمل في التحقيقات بشكل نشيط وممنهج في هذه الأوقات الاستثنائية بسبب انتشار فيروس “كورونا”, مبينة أنهم يعملون على طلبات إصدار مذكرات اعتقال جديدة.

وأوضحت أن الانتهاكات الخطيرة المرتبطة بالنزاع في ليبيا وخاصة داخل العاصمة “طرابلس” لم تتوقف, رغم مرور عام على الهجوم الذي نفذته قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وعبّرت المدعية العامة, عن قلقها الخاص إزاء الإصابات الكبيرة في صفوف المدنيين بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي، مشيرة إلى أن فريق العمل يواصل جمع وتحليل المعلومات التي ترد بشأن هذه الحوادث خلال الأحداث الأخيرة والتي قد ترقى إلى جرائم حرب بحسب نظام روما الأساسي – وهو الاتفاق الدولي لعام 1998 الذي أفضى إلى تشكيل المحكمة.

*استهداف المدنيين والمنشآت المدنية/

وشددت المدعية العامة على أن استهداف المدنيين بشكل مقصود أو استهداف أفراد مدنيين غير مشاركين بشكل مباشر في الأعمال العدائية هو جريمة حرب بحسب نظام روما الأساسي الذي يحظر أيضا أي اعتداء مقصود ومباشر على المستشفيات وغيرها.

وذكرت أن مكتبها يواصل تخصيص الموارد للتحقيق في قضية الاعتقالات التعسفية وإساءة معاملة المهاجرين واللاجئين الذين يعبرون الأراضي الليبية.

ووفقا للمحكمة، فإن الاعتقال التعسفي ينتشر في ليبيا دون إجراءات قضائية أو الاستناد إلى دلائل قانونية، ويُحرم الموقوفون من تمثيل قانوني، ويتعرّضون لخطر سوء المعاملة بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي, فيما يموت آخرون بسبب التعذيب أو عدم وجود الرعاية الصحية الكافية.

وتحدث هذه الجرائم في الكثير من السجون في جميع أنحاء ليبيا، مثل سجن “الكويفية وجرنادا” في شرق ليبيا، وسجن معيتيقة في طرابلس الذي تديره ما تسمى بقوة الردع الخاصة التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني.

وقالت المدعية العامة: “بحسب مكتبي فهذه الجرائم منتشرة بكثرة, ويتحدث معتقلون سابقون عن أساليب تعذيب وحشية، وتعرّض رجال ونساء وأطفال للاغتصاب والعنف الجنسي”.

وطالبت بضرورة إجراء إصلاحات جادة وعاجلة في الكثير من سجون ليبيا ومراكز التوقيف لمنع جرائم مستقبلية، مشيرة إلى أن المساءلة والمحاسبة على جرائم مزعومة وانتهاكات سابقة هي مهمة بنفس القدر.

*الاختفاء القسري/

وهو رفض إبداء أي معلومات بشأن مصير أو مكان الأشخاص المعتقلين على يد السلطات أو منظمات سياسية أو بتفويض منها أو دعم أو رضوخ لها.

وبحسب المحكمة، فإن جريمة الاختفاء القسري تتسبب بمعاناة أهالي الأشخاص المفقودين، كما أنها تنشر الرعب في المجتمع.

وعندما تستهدف أشخاصا معروفين مثل نشطاء سياسيين أو مدافعين عن حقوق الإنسان أو صحفيين، فهي ترسل برسالة قوية مفادها بأنه لن يتم التسامح مع أصوات المعارضة.

وأحد أبرز الأمثلة على الاختفاء القسري هي جريمة اختفاء “سهام سرقيوة” العضوة في مجلس النواب والمفقودة منذ 17 تموز 2019، عندما اختطفها رجال مسلحون، بحسب التقارير.

وقالت بنسودا: “قد تشير المعلومات التي جمعها مكتبي إلى الأشخاص المسؤولين عن اختفاء “سرقيوة” ولكن تستمر التحقيقات للتأكد من هذه المعلومات”.

*خطاب الكراهية/

وتطرّقت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية إلى خطاب الكراهية واللغة التي تجرّد من إنسانية بعض الأفراد أو المجموعات في الإعلام التقليدي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا.
وبحسب ما قالت بنسودا فإن ذلك يبعث على القلق ويولّد الكراهية والخوف في المجتمع ويعمّق الانشقاق، وينثر بذور الجريمة ضد المجموعات المستهدفة ويخلق ظروفا مواتية لانتهاكات واسعة.

ووفق نظام روما الأساسي، فإن الشخص الذي يحرض على الجرائم هو أيضا مسؤول عن هذه الجرائم. وتقع مسؤولية خاصة على قادة المجتمع للامتناع عن خطاب الكراهية وليكونوا مثالا يحتذى به.

وحذرت بنسودا من أن الخوف والانقسام والكراهية لا تتسبب بالأذى فقط للمجموعات المستهدفة بل أيضا للنسيج المجتمعي ككل.

*كلمة المندوب الليبي/

بدوره، قال طاهر السنّي، ممثل ليبيا لدى الأمم المتحدة، إن بلاده تفعل كل ما بوسعها لتحقيق العدالة وتدعم جهود المحكمة الجنائية الدولية وقرارات مجلس الأمن.

وأضاف: “إننا نؤمن بالنظام القضائي الليبي لضمان المحاكمة العادلة ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات على الأرض الليبية. ونراقب جميع الانتهاكات والجرائم وخاصة تلك التي ترتكبها قوات المشير حفتر”.

وأكّد ممثل ليبيا لدى الأمم المتحدة أن السلطات الليبية تعمل على حماية المهاجرين ونقلهم من مناطق الصراع وتتعاون مع المنظمات الإنسانية لتقديم الدعم الصحي لهم.

وطالب في الوقت نفسه المحكمة الجنائية الدولية إلى أن تقوم باتخاذ إجراءات ملموسة بحسب التفويض الممنوح لها.

قد يعجبك ايضا