تخوف من انهيارات في بنوك أمريكية جديدة

لم تكن لتهدأ التخوفات الامريكية بعد الضجيج الواسع الذي أحدثه انهيار ثلاثة مصارف في غضون 11 يوماً فقط خلال مارس/آذار الماضي، حتى أطلت المخاوف بشأن استقرار القطاع المصرفي من جديد، رغم محاولة الحكومة الامريكية لمحاصرة انفراط عقد الكيانات المالية، خاصة الصغيرة التي لا يستهان بتأثيرها ليس فقط في الأوساط المالية، ولكن أيضا في العديد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية في أكبر اقتصاد بالعالم.

ماذا بعد فيرست ريبابليك بنك

 

وضعت الجهات المنظّمة يدها على “فيرست ريبابليك بنك”، تمهيداً لاستحواذ “جيه بي مورغان” على المصرف، بعد فشل جهود الإنقاذ في إصلاح أضرار ممارسات الاستثمار غير السليمة، وسحوبات المودعين التي ضربت البنوك الإقليمية. وذكرت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا في بيان، أن “جيه بي مورغان”: “سيتولى جميع الودائع، بما في ذلك كل الودائع غير المؤمَّنة، وجميع أصول (فيرست ريبابليك بنك) إلى حد كبير”.

وعيّنت الجهات المنظمة في ولاية كاليفورنيا المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بصفتها الجهة المتسلّمة للبنك الذي يقع مقره في سان فرانسيسكو. وقالت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا في بيانها إن “الودائع مؤمَّنة اتحادياً من المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع وفقاً للحدود المعمول بها”.

ومثل باقي البنوك الإقليمية، تعرض “فيرست ريبابليك” للضغوط بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة لمحاربة التضخم، مما أضر بقيمة السندات والقروض التي اشتراها البنك عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة. في غضون ذلك سحب المودعون أموالهم، جزئياً للبحث عن عائدات أفضل، ثم خوفاً مع انتشار المخاوف بشأن صحة “فيرست ريبابليك” المالية.

ونتج عن ذلك فجوة رأسمالية ضخمة بما يكفي لردع أي مُنقذ على نطاق واسع عن تقديم المساعدة. وزاد القلق في إبريل/ نيسان الماضي بعد تقرير نتائج أعمال البنك في الربع الأول من العام الجاري، فضلاً عن أخبار محاولته بيع الأصول، وبدء مساعي الإنقاذ. وقال البنك إنه سيخفض ما يصل إلى 25% من موظفيه، بجانب تقليص القروض المستحقة، والحد من الأنشطة غير الأساسية.

محاولة انقاذ

 

وحاول 11 بنكاً أميركياً إنقاذ “فيرست ريبابليك” من خلال التعهد بتقديم ودائع جديدة بقيمة 30 مليار دولار في 16 مارس/آذار، منها “جيه بي مورغان” و”بنك أوف أميركا” و”سيتي غروب” و”ويلز فارغو”، إذ عرض كل منهما 5 مليارات دولار. كما عرض “غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي” وبنوك أخرى مبالغ أصغر كجزء من خطة وُضعَت مع المنظمين الأميركيين. علاوة على ذلك استعان “فيرست ريبابليك” بمجلس بنوك قروض المنازل الفيدرالية، وخط سيولة من الاحتياطي الفيدرالي.

لكن لم تكن تلك الجهود كافية. وهبط السهم، الذي تجاوز 170 دولاراً في مارس/آذار 2022، إلى أقل من 5 دولارات بحلول أواخر إبريل/ نيسان، ليهبط بنسبة 97%.

إن الاضطرابات الأخيرة أظهرت “المرونة الشاملة للبنوك الأميركية”. وهو ما أكدته الرئيسة التنفيذية لسيتي غروب، جين فريزر، بقولها: “عندما نعود خطوة إلى الوراء وننظر إلى هيكل النظام المالي الأميركي، يكون الأمر سليماً بشكل لا يصدق”.

وأشارت في هذا السياق إلى المحاولة السابقة “غير الناجحة” لإنقاذ “فيرست ريبابليك” من خلال إيداع مؤسستها وبنوك أخرى 30 مليار دولار لدى البنك المتعثر، وهي المحاولة التي منحته شريان حياة لبعض الوقت، مُعلقة: “كنا في وضع يسمح لنا بالقيام بذلك، وهو أمر يجب أن يشعر به الجميع براحة لا تصدق”.

ورغم أنه يُنظر إلى استحواذ “جيه بي مورغان” على “فيرست ريبابليك” على أنها صفقة إنقاذ، إلا أن الواقع يشير إلى مخاطر أعمق، إذ ستزيد الصفقة حجم “جيه بي مورغان” الذي هو بالفعل أكبر بنك في البلاد، وهي النتيجة التي بذل المسؤولون الحكوميون الجهود لتجنبها في الماضي، إذ إنه في الظروف العادية، وبموجب القيود التنظيمية الأميركية، فإن حجم البنك المتمثل في حصته الحالية من قاعدة الودائع الأميركية، تمنعه من زيادة توسيع قاعدة ودائعه، كما أن الاندماجات بالصناعة المالية والقطاعات الأخرى أثارت انتقادات المشرعين الديمقراطيين البارزين وإدارة الرئيس جو بايدن.

مخاوف من حالات إفلاس جديدة

 

يتساءل الجميع ما إذا كانت هناك موجة جديدة من الانهيارات على وشك القدوم، في حين أن تشارلي مونجر، شريك الملياردير وارن بافيت، قد حذر في صحيفة “فايننشال تايمز” من أزمة مالية في العقارات التجارية.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال، إنه يبدو من غير المرجح أن يؤدي إفلاس بنك فيرست ريبابليك إلى أزمة ثقة جديدة، حيث خسرت البنوك الإقليمية الودائع بالتساوي خلال الربع الأول لكن الانخفاضات كانت متواضعة مقارنة بـ100 مليار دولار في عمليات السحب من فيرست ريبابليك.

 

قد يعجبك ايضا